إن الديموقراطية نظام حكم به الغرب دوله، حيث كانت وسيلة صحيحة للاختيار، ويختار عن طريقها نخبة من الناس لمجلس تشريعي يصدر القوانين نيابة عن الناس ومن هنا اشتهرت العبارة (إن الديموقراطية حكم الشعب للشعب) أي أن الشعب يحكم نفسه عن طريق هذه النخبة التي تصنع له من القوانين ما يضبط حركته، وهي التي في الغالب تختار له رئيس الدولة أو رئيس الوزراء وقد يكون أيضًا اختارهما بالاقتراع الحر المباشر، وإلى هنا فالأمر ليس فيه ما يجلب المعارضة، فالأمر سيكون عادلًا مادام الناس يختارون من يمثلهم بنزاهة ولكن الأمر ليس على إطلاقه، فعملية الانتخاب لا تتم هكذا وبهذه السهولة فلعملية الاقتراع أثمان يجب أن تسدد أولًا، فإذا كانت الدولة تدفع المليارات لتتم هذه الانتخابات في وقت وجيز، فكثير من دول العالم الفقيرة اليوم لا تستطيع توفيرها إلا عبر الديون، وللديون كما نعلم أخطارها على الدول الحديثة، ثم إن النائب ليعرف الناس به ويحتاج أموالًا ينفقها على الدعاية له، وعلى لقاءاته بجمهوره، ونحن نعرف أن كثيرًا من النواب ينفقون من أموالهم الملايين من أجل ذلك فإن لم يملكها فلابد أن يجد ممولًا ينفق على انتخابه، وهذا ما يجعل الدولة والنائب خاضعين لمن أنفق على هذه الانتخابات، وعليهما أن يحققا له بعض مصالحه وإن تعارضت مع مصالحهما، وفي هذا من الخطر ما هو معلوم ولا يحتاج إلى بيان، ولعلنا نجد أمثلة في العالم لرؤساء مروا فحكموا بلادهم كانوا ينفذون أجندة ليست في صالحهم ولا صالح أوطانهم بسبب ذلك حتى في الدول الغربية أو ما نطلق عليها اليوم الدول المتقدمة أو يحلو للبعض أن يسميها العالم الأول، وحقيقة أن الانتخابات في شرقنا العربي والمسلم تحكمها كثير من العوامل لا تجعلها تفرز سياسيين يعملون لأوطانهم بإخلاص، فممولوا انتخاباتهم قد عزلوهم عن مصالح من انتخبوهم، علاوة على ما نعرف أن أكثر الانتخابات في شرقنا لا تتم وفق المناخ الحر، فهي مخطط لها ومن سيصلون إلى سدة الحكم والمجالس النيابية والمحلية معروفون قبل إجراء الانتخابات، وعلى العالم أن يبحث عن وسيلة لا يمكن للمال أن يسيطر عليها ليتم الاختبار حرًا فعلًا لا معروف النتائج، فهل يفعل هو ما نرجو والله ولي التوفيق.