بعض الكتابات الصحفية، تُسيء إلى هذا الوطن وأهله، في هذا الظرف بالذات، من حيث لا يدري صاحبها، فالدول التي حباها الله بثروات، يلزمها إنسانيًّا أن تُعين دولاً أخرى لم تحظَ بمثل هذه الثروات بما تستطيع، وما أمكنها تقديمه، بعد أن تكون أنفقت جل ثروتها على بناء وطنها، لينعم مواطنوه بالرضا والسعادة، والفخر به والاعتزاز، ومن مخطط سياسة بلادنا الخارجية أن تنفق جزءًا من دخلها لمساعدة الدول العربية، والمسلمة الشقيقة، ودول أخرى من غيرها، وفق منظور إنساني تعمل وفقه دول معاصرة كثيرة، ولكنها حتمًا لا تضغط على الدول بمعونتها، ولا تشتري به مواقفها، فليس هذا سلوك دولة أُسَّست في الأصل على قِيَم أخلاقية رصينة، هي في أصلها من الدِّين، ولكنها تُقدِّم تلك المعونات لإخوة في القومية، أو في الدِّين، أو في الإنسانية.. وأن يأتي كاتب ليُوحي بما كتب أننا نشتري مواقف إخواننا بما نمنحه لهم من معونات مالية، أو اقتصادية، فإنه يجب علينا أن نُصحِّح له فهمه، وأن نقول له: إن المواقف السياسية لا تُشتَرَى بالمال، ولو فرضًا اشتريت بالمال، فإنها عمّا قليل ستتغيّر، خاصة إذا لم يصلها المال من جديد، والمعونات التي كانت تصل لبنان من بلادنا هي معونات لأشقاء لنا نريد بها أن تستقر بلادهم، وأن يتعايشوا فيها برقي وحضارة، بعيدًا عن التعصب للعرق، أو الدِّين، أو المذهب، ويهمّنا هذا أشد الاهتمام، وقد استمرت هذه المعونات زمنًا طويلاً، رغم ما كنا نقرأه في صحافة لبنان من إساءات متعمّدة لبلادنا، ولسياستها الداخلية والخارجية، ولم يمنعنا هذا من أن تستمر الإعانة، لأن المقصود بها شعب، ندرك أنه يقدّر لنا ما نقوم به تجاهه، ولكنّا في الآونة الأخيرة، وجدنا أن هناك فئة قليلة من اللبنانيين تختطف لبنان؛ ليكون خنجرًا مسمومًا في ظهر دولتنا، فكان يجب علينا أن نُوجِّه سائر اللبنانيين، الذين نقف معهم في أن تستقر بلادهم وتنهض، بعيدًا عن المماحكات السياسية التي تهدم الأوطان، فكان لابد من موقف يُوقظ الضمائر من غفوتها، لا أن نشتري موقفًا لأحد، أو نضغط على أحد، فاللبنانيون أحرار في أن يقفوا مع من يعلمون أنه يعمل لصالحهم، وصلاح وطنهم الذي به يعتزون.