إن المسلمين حين اصطدامهم بالغرب في القرن العشرين الميلادي، وقبله قبل ذلك بقليل، حينما خطط الغرب للاستيلاء على عالمنا الإسلامي واستعمار بلدانه، واضطر المسلمون للتعامل معه مضطرين، وجدوا أن الغرب قد خطط لإضعاف بلداننا عن طريق إضعاف الغيرة الدينية في نفوس أهلها بكل وسيلة ممكنة، والتشكيك في أصول الدين ومصادره، لهذا اصطحبت جيوشهم معها كبار العلماء والفلاسفة والمؤرخين وآخرين، وأخذوا يدرسون ديننا ويدرسون أفكاراً لزعزعته في نفوسنا، لأنهم اكتشفوا أنه موطن القوة فينا، ونال المسلمون من ذلك، العنت العظيم، وكان من أهم المنافذ التي يدخلون منها إلى إضعافنا؛ زعمهم الباطل أن السُّنة إنما هي قانون وضعه المسلمون عندما فتحوا بلاد ذات حضارة، وهم بداة لا حضارة لهم، فوضعوا السنة قانوناً يحكمون به البلاد التي استولوا عليها، فمرة يزعمون أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم هو واضعها، ومرة أخرى يتهمون علماء الحديث بوضعها، كما يفعل مجانين عصرنا ممن فقدوا حتى إيمانهم بدينهم. وجابه علماء الدين المخلصون هذه الدعاوى الباطلة ونجحوا إلى حد بعيد، مما جعل الغرب يتراجع عن هذا المسعى لتبقى مهمة تلاميذهم من بلداننا الذين هم أشد تشويهاً لا للسنة وحدها، بل للدين كله،ولما كانت السنة هي الأصل المهم والمصدر الأسمى لأحكام الدين وتفسير القرآن اشتد الهجوم عليها، حتى رأينا اليوم ألواناً من المثقفين والكتاب ممن لم يدرسوا الشريعة ومصادرها ومقاصدها، وإنما انغمسوا في دراسة ما أنتج الغرب من أدب وفلسفة وفن، وبعضهم لم ينجح حتى في هذا، ولم ينجح في تلقي علوم الشرع، وأصبح هاجس الجميع التشكيك في أهم مصادر أحكام الشرع، سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم لم يحسنوها قط، لا رواية ولا دراية، ويطلقون ألسنتهم في القدح فيها وفي علمائها الأبرار، وعلى رأسهم البخاري ومسلم، علَمي السنة النبوية، من حفظوا للأمة ما صح منها خدمة لمن يستحق الخدمة، سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فاللهم احفظ سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وادرأ عنها الخطر.