السنة مصدر أساسي للتشريع (2-2)

أجمع علماء الأمة منذ ظهور الإسلام وحتى يوم الناس هذا على أن أحكام هذا الدين الحنيف لها مصدران أساسيان هما: الكتاب والسنة، ثم يتبعهما مصدران فرعيان هما الإجماع والقياس، ومرجعهما والدلالة عليهما في المصدرين السالفين، وهذا أصبح معلوماً من الدين بالضرورة عند سائر علماء الأمة إلا من شذ وعادى الدين وأهله، وقد كان مقالنا الأول يوم السبت عن السنة النبوية والخطر العظيم تمهيداً لهذا المقال، فالأمة اليوم في حرج عظيم، فقد كان المنكرون لسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هم في الأول وقبل كل شيء أهل الكتاب، خاصة منهم في العصر الحديث من سمّوا بالمستشرقين، والذين أسسوا في جامعات الغرب أقساماً يدرسون أحوال المسلمين ودياناتهم، لا من أجل المعرفة أو العلم فقط، بل وكيفية التأثير فيهم، خاصة أن ما يحصنهم أمام الأعداء هو هذا الدين الحنيف، فمحاولة تشويهه والبحث فيه عما يعزز المقاومة عندهم لوأدها هو هدفهم. أما الأعداء فاهتموا بالدرجة الأولى بالسنة النبوية، وهي التي فيها تشريعات القتال ورد العدوان، ووسائل الانتصار على العدو، فأخذوا في الكتابة عنها، وأنها مخترعة لتكون قانوناً للمسلمين إذا حكموا بلداناً مثل بلدانهم، لها بزعمهم حضارة خالدة. وهكذا تفوق هؤلاء في محاولة العبث بالسنة ومصادرها، واليوم نجد بين تلك الكتب ما استفدنا منه مثل القواميس والمعاجم، فهذا كتاب المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، الذي جمع للبحث في الكتب الستة ومسند الدارمي وموطأ مالك ومسند الإمام أحمد الذي ابتدأ ترتيبه في مدينة ليدن سنة 1955م ونشره أ. ي، ونسلك، وطبع أول مرة في مطبعة بريل، وأغلب الظن أنه ألفه لأمثاله من المستشرقين لتتبع الأحاديث النبوية حينما يريدون الاطلاع عليها. وكم شكت سنة المصطفى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من اطلاعاتهم عليها العابرة والمتعمقة، وبمحاولة تشويهها والتشكيك في صحتها ثم التشكيك في كل تصرفات صاحبها عليه السلام، ونحن قوم علَّمنا ديننا الوفاء لمن أحسن إلينا، فقد شكرناه كباحثين عمَّا فعل، رغم أننا لا نعتقد أنه فعل ذلك للتسهيل علينا للوصول إلى أحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم، التي نصل إليها عبر معاجمنا نحن لا معجمه، وستبقى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام مصدراً للتشريع في ديننا بعد كتاب ربنا، نصدق بصحة نسبتها إلى رسول الله إلا ما ثبت عندنا ضعفه أو وضعه، وأتباع المستشرقين من جهلتنا لن يستطيعوا شيئاً حيال هذا، والله الموفق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: