الصحافة الغربية وممارسة الانحياز

كل ما تتهم به الصحافة والإعلام العربي، أصبح هو السمة الغالبة للإعلام والصحافة في الغرب

ظل لدينا وهم يكبر مع الزمان أن صحافتنا العربية وكذا سائر وسائل الإعلام العربي هي ما تنحاز دائماً إما للحكومات أو لمن يمول إصدارها، والثقة بأن الصحافة في الغرب محايدة حتى أنها إذا نقلت الأخبار علمنا أنها صحيحة لأنها صحافة مهنية لا تلون أخبارها بايديولوجية معينة أو فبركتها، واتضح اليوم أننا في الانحياز متفقون، وفي عدم الثقة بما ينحاز منها في الشرق والغرب هو السائد، فمع الأزمة الاقتصادية في الغرب بيعت أسهم كثير من المؤسسات الصحفية لحكومات خليجية مثلا، فالجارديان الصيحفة البريطانية عن طريق بيع أسهمها لقطر، لم تعد هي الصحيفة التي بعض من يوصفون بالناشطين في مجتمعاتها العربية يعتمدون عليها في الاستشهاد بأخبارها على أنها أخبار صحيحة تعتمد المهنية، والحقيقة أنها أصبحت مزدحمة في التحرير وعبر المندوبين بعرب من فلسطين وغيرها من الأقطار العربية تجمعهم أيديولوجيا معينة تخدم فكرة قنوات الجزيرة التي أرادت أن تكون محلية في بعض اقطارنا العربية كالجزيرة مصر وتونس وغيرهما والتي وجدت المجتمعات هناك أنها تمارس انحيازاً لاحزاب وجماعات داخل أوطانها لا تحظى بقبول بين سواد مواطنيها، بل تمارس ضدهم انحيازاً إلى تلك الجماعات مكشوفاً وبالغ الرداءة، ففي يوم 25/1/2014م نشرت الجارديان صورة لميدان التحرير وهو ممتلئ بالمواطنين، الذين خرجوا للاحتفال بعيد الثورة، وتأييداً لما سمي خارطة الطريق التي أعدت في 30/6/2013م وزعمت أنها مظاهرة لمن سمتهم دعم الشرعية، فانكشفت تماماً للجميع بأنها تمارس انحيازاً يجعلها تفبرك الأخبار، لتنفي عن نفسها المهنية المدعاة، وهكذا وكالات أنباء بيعت لأقطار عربية سيطرت عليها وجعلتها في خدمة أيدلوجيا معينة، ونحن نعلم أن كثيراً من وسائل إعلام انشئت في الغرب بتمويل من دول أو مواطنين من دول أخرى لأغراض تأييد مواقف محددة، ولعلنا نتذكر الرئيس معمر القذافي وما بذل من دعم لصحف عربية أو أجنبية لتخدم مواقفه ولتشوه مواقف مع يختلف معه من شعبه ومن دول عربية يعاديها، وأصبح المال الليبي يشتري الذمم عبر زمانٍ ليس بالقصير، هكذا أصبح الاعلام الغربي يمارس الانحياز لمواقف عبر المال، وكلنا نعلم ما صنعه الإعلام الأمريكي من تأييد مواقف لا مصلحة فيها للمجتمع الأمريكي، وحتما تعارض مصالح الإنسانية عبر العالم، وكل ما تتهم به الصحافة والإعلام العربي أصبح هو السمة الغالبة للإعلام والصحافة في الغرب، بل إن ما في الشرق منه في الانحياز وعدم المهنية وصناعة المواقف الموهومة والنجوم المنكدرة صناعة مشتركة يقلد فيها الضعيف (العربي) القوي (الغرب)، ولهذا لم تعد بضاعة أن في الغرب صحافة وإعلاماً يعتمد المهنية موثوقة اخباره وتحليلاته تجد عبر العالم من يشتريها، بعد أن انكشف عوار هذه الصحافة وهذا الاعلام، وأصبح من يروجونه في مجتمعاتنا يواجهون بمعارضة شديدة وحتى أصبحت عدم الثقة بهم هي السائدة، ونحن قد خبرنا الاعلام الغربي منذ الفترة التي عشناها بعد الحرب العالمية الثانية والتي كانت إذاعات الغرب تحمل إلينا دعاية المحورين المتحاربين في أوروبا، خاصة ما كانت تبثه إذاعة الشرق الأدنى والتي أصبحت بعد ذلك BBC أو الإذاعة البريطانية وإذاعة ألمانيا التي كانت تمثل المحور الآخر مع ايطاليا في الحرب القذرة، والتي كان ضحاياها بالملايين من القتلى والمصابين والمشردين، ثم استمرت الإذاعة البريطانية تبث إعلام فرق تسد، ودولنا يقتسمها المستعمرون ويرونها تركة الرجل المريض المتمثل في الخلافة التركية المسماة عثمانية، وكانت تقدم من المعلومات ما هو مزور تماماً يخدم فكرة المستعمرين الذين يقتسمون بلادنا وثرواتها بكل وقاحة بشرية غير معهودة عبر التاريخ إلا عند هؤلاء، ولا أدري كيف وثقنا بهذه الإذاعة فيما بعد إلا أننا وجدنا في بلادنا العربية ما هو أسوأ، واليوم يحارب بعضنا بعضنا بما تبثه وسائل إعلام الغرب فإذا امتدحت أحداً رأيناه عميلاً للغرب، وإذا ذمت أحداً ظننا أنه الوطني المخلص، وهي فقط تمارس مخططاً للتفريق بيننا وصناعة العداء الذي هدفه إحدى دولنا أو شعوبنا، وليبقوا هم في الغرب أسياد المواقف في كل اتجاه، ولا نزال نعيش الوهم، ونحن حتماً الضحايا في مشروع الغرب الجديد لتقسيم المقسم أصلا والمجزأ إلى أجزاء أصغر لنكون تبعاً للسياسات الغربية نخدمها بكل ما في بلادنا من موارد لا حصر لها، فهل نحن مدركون لهذا.. هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: