قالوا قديمًا: الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، فالإنسان المريض يصل إلى أدنى مراحل قوة جسده، فيشعر بمزيد الأسى إن لم تمتد إليه يد المجتمع الحانية لتنقذه من ضعفه هذا، خاصة إذا كان مرضه في مراحل عمره الأخيرة، حينما توهنه السنين ويقترب العمر من نهايته، ويحس الآلام الكثيرة، فإذا بحث عن العلاج، لم يجد سوى العناء، فالمستشفيات الحكومية جُلّها سواء، لا تُقدِّم له سوى المعاناة، في مواعيد متباعدة بالأشهر، وحينما يلزم له العلاج السريري داخل المستشفى يصبح البحث عن سرير مهمة شاقة له ولأسرته، والسعيد من وجد من يُعينه للوصول إليه، وإن أراد أن يبعد عن نفسه مشقات العلاج في المستشفيات الحكومية، فإن التأمين الصحي له بالمرصاد، فلن يقبله إلا عبر مبالغ لا يستطيعها أحد من هؤلاء؛ الذين تعتمد دخولهم على راتب تعاقدي كموظف، وما ادخره صاحب حرفة أو مهنة ليس بينها الاشتغال بالتجارة والوزارة، وقلّ مِن هؤلاء مَن يستطيع أن يُقدِّم لشركات التأمين ما تطلبه، وكأنها تفرض ما يعجزه دفعه، ليبقى خارج دائرة اهتمامها، ولا يجد مَن يُعينه على أن يدفع ما تطلبه المستشفيات الخاصة من أثمان لعلاجه، وكأنه قد حكم على كبار السن ألا يتم علاجهم إلا بعد مشقة بالغة، واليوم نتوجه للمسؤولين عن صحة المواطنين أن يُوحّدوا بين مؤسساتهم الصحية، بحيث يصبح التنقل بينها بسهولة، وأن تتوحّد النظم بينها، وأن يقضوا على النقص في الأطباء والممرضين والفنيين، وأن يلاحظوا وجود الآلات المساعدة على التشخيص، فليس من المقبول في بلادنا أن نجد ما يُسبِّب نقصًا في العناية بالمرضى من أبناء هذا الوطن، وأن يشعر كل مسؤول بالصحة بثقل المسؤولية، فلا يصمت على نقضٍ أو خطأ، فتختفي من مستشفياتنا بعض المناظر المسيئة، حيث نجد مريضًا يتألم في انتظار الدخول على طبيب، ولا أحد ينتبه له، وأن تختفي هذه الأعداد الكبيرة التي تنتظر عرضها على الطبيب بالساعات، إنها الأمانة، فاللهم إني قد بلغت، التي أرجو أن تُسْمَع، فهو ما أرجو، والله ولي التوفيق.