لاشك أن جميع الفنون من رسم ونحت وتصوير، وأيضاً تمثيل في المسرح والأفلام والمسلسلات فنون قد يسعد بها الناس إذا راعت القيم والمثل التي يرعاها المجتمع وتؤثر في حياته، وعندما تتجاوز تلك القيم وتحاول بث ما يهدمها فإنها تصبح من أهم العوامل لهدم استقرار هذا المجتمع، لذا فإن هذه الفنون منذ ظهرت وحتى اليوم، تخضع لرقابة المجتمع، ولا يسمح لما هو قد يهدم استقراره. والإنسانية عبر تاريخها الطويل، وهي تنظر إلى هذه الفنون على أن منها ما يخدم نهضة المجتمع واستقراره، وأن منها ما يهدم قيم المجتمع، ولم يكن هذا في بلادنا الشرقية عربية وإسلامية، بل في كل مجتمعات الإنسانية، ولا نزال نسمع عن محاكمة بعض هذه الفنون في أكثر دول العالم إيماناً بالحريات كالغرب، فالخطورة تكمن في استخدامها لهدم كيانات المجتمعات، عبر التلاعب بهوياتها، أو طمس قيمها المثالية، وفي بلادنا هذه الفنون حتى اليوم قلة من أبدعوا فيها، بل لعلهم القليل الذي لم يحسن إبداع الإبداع فيها، فمثلاً فن التمثيل لم نجد في مجتمعنا من درسه وتخصص فيه، ولم تنشأ في بلادنا معاهد له، ولا يزال الذين يهوونه لم ينشطوا لدراسته، ولا يزالون هواة لم يدخلوا معاهده، ولم يحسنوا الاحتراف في مجالاته، فعملهم لا يزيد عن تقليد هواة، يعتري ما يقدمون في مجالاته الكثير من العيوب والأخطاء، وحتى الذين يكتبون لهم لم يحمل أحد منهم مؤهلاً يجعل منه مختصاً في فنونه، لذا فما يقدم على أنه فن سعودي لا يزيد عن محاولات هواة، لا يمكنها أن تكون فناً يشاد به، وما نقرأه اليوم من محاولات إقناع لنا بأن ما تعرضه علينا بعض القنوات الفضائية فن في التمثيل بلغ الغاية في الإبداع، إنما هي دعوى لا يسندها حجة أو دليل، وأما محاولة الإقناع لنا بإبداع الهواة الذين لم يتمرسوا بعد في هذا الفن فخطره علينا وعلى مجتمعنا عظيم، فهو يبالغ في امتداح أعمال هي لا تزال دون المستوى للفن في هذا العالم الذي نعيش فيه، وأما أن هذا الفن معارضته قدح في الوطنية فهذه أم الكوارث، فلا علاقة لما يعرض على شاشات بعض الفضائيات حتماً بالوطنية أصلاً، بل لعل فيه الإساءة كل الإساءة للوطنية، إذا نُسب ما ينتج منه على أنه مثال للوطنية، وأن نقده يقدح في وطنية الناقد، فهو ولاشك أمر عار عن الصحة تماماً، وما هو إلا من مبالغاتنا التي أخذت تنتشر هذه الأيام بكثرة. فهل كففنا عن ذلك؟ هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.
Check Also
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …