كَثُر الحديث عن اللعبة الإلكترونية المُسمَّاة «الحوت الأزرق»، والتي تُقنع اللاعبين في النهاية بالانتحار، وهي لا تصطاد إلا صغار السن، بعد أن تجري بهم رخاءً، حتى تُؤسِّس في نفوسهم اكتئابا، يجعلهم يستجيبون لأوامر بقتل أنفسهم. هذه اللعبة الخطرة اخترعها خبير بهذه الألعاب روسي الجنسية، حاقدٌ على الإنسان، حتى أنه يرى أنه بهذا العمل يُنظِّف العالم ممَّن يُشبهون النفايات، كما تَصوَّر وصَرَّح، والذي قِيل أنه قُبض عليه قبل أيام في بلده روسيا، ولا ندري ما حدث له بعد ذلك حتى هذه اللحظة، وما هي نتائج التحقيقات معه، ورغم أن اللعبة كلها قد تكون أكذوبة كبرى، خُدعنا بها، وما أكثر ما أفرزت وسائل التواصل من خدعٍ عظيمة، تَحدَّثنا عنها زمنا، واتّضح أنها أوهام فقط، فالانتحار فعلٌ رَاسِخ في هذا العالم منذ زمنٍ طويل، وقبل أن تُختَرَع هذه الألعاب الإلكترونية، بل وقبل أن يُصبح الإنترنت وعالمه الافتراضي شُغلنا الشاغل، حتى أننا ننسب إليه ما يُشبه المعجزات، وعندما انتقلت أحداث الانتحار إلى بعض أطفالنا، وزُعِمَ أنها بسبب هذه اللعبة، وفي أماكن أشبه ما تكون بأرياف في بلادنا، ولصغر أعمار المنتحرين جلب لنا ذلك شكاً فيما يحدث، فلا نظن أن بعض أطفالنا في عسير والمدينة يعرفون غير لغتهم، حتى يتعاملوا مع لعبة صُمِّمت بلغةٍ أجنبية، وأرى أن كثيرين مِنَّا اقتنعوا أن فتى وفتاة قد انتحرا بفعل ذلك، ولم نسمع عن نتائج التحقيقات التي جرت لكشف غوامض الحدثين، ولم نسمع عنهما شيئا يجعلنا نُصدِّق أن الفقيدين قد أُمِرَا -عبر هذه اللعبة- بقتل نفسيهما، فاستجابا للأمر بهذه الصورة المذهلة.
إننا سادتي نحتاج إلى وعي تام بما يجري من أحداث في بيوتنا، حتى لا نفقد مزيدا من أطفالنا دون أن نتحقق من أسباب هذا الفقد، وحتى لا ننسب ذلك إلى وهمٍ لا ندري حقيقته، حيث إن هذا الفقد عبر هذا الإنترنت وعالمه الافتراضي خطر جدا، وصَمْتُنَا عنه قد يجعلنا نُفَاجَأ بما هو أكثر، وهذا الإنترنت الذي يتعامل معه الكثيرون مِنَّا عبر زمنٍ طويل، وهم يجهلون أنه قد يؤدي إلى كوارث –إن كان يؤدي حقيقةً إليها- والخبراء في التعامل معه لا يُحدِّثوننا عنه بصدقٍ وأمانة عن آثاره غير ما نعرف أنه ساحة للمعرفة، أما أن يكون ساحة مظلمة للشرور، فهذا لا نُدركه، ونتمنى أن يُنشر لنا وعي عنه، حتى لا نُضار وأُسرنا به على هذه الصورة الكارثية، ووجب علينا ألا نُصدِّق كل يُدفع إلينا عبره، وعبر الإعلام، في قضايا كثيرة، هي والوهم سواء.