هؤلاء تجدهم دوماً مدافعين عن هذا النوع من التحريض على العنف المحرم والمؤدي إلى إزهاق الأرواح والاعتداء على الأموال والأعراض واعتبار ذلك (جهاداً)!!
حينما ظهر منظرون للعنف داخل أسوار الوطن وخارجه, ونسق هؤلاء المنظرون لارسال شبابنا إلى بؤر الصراع في شتى أرجاء الأرض, يقتلون أو يسجنون وإن عادوا لم يجدوا عملاً سوى ما تدربوا عليه وتأهلوا له في بؤر الصراع تلك, فظهرت منهم فئة اعتنقت التكفير فالتفجير, وأحدثوا في الوطن شرخاً بين أهله, فكان لهم من بين أهله مؤيدون, وكان لهم من بينهم مناهضون لهم أبرار, يرشدون الناس إلى طريق هدى الإسلام لا اجتهاد الجاهلين, الذين كفروا الأمة وأباحوا دماء أفرادها وأموالهم وأعراضهم بزعم أنهم كفروا, وواجه الناس في هذا الوطن ضلالهم وحمل أفراد الأمن السلاح ضدهم حتى كسرت شوكتهم وتبددت جموعهم, وضعف خطرهم إلى أقصى حد, فالعيون الساهرة حرست الوطن ومنعتهم أن يشيعوا فيه الفوضى كما أرادوا وأراد من وراءهم ممن لهم مصالح ظاهرة في حدوث هذا الفوضى, والذي تشدق بها ووصفها بأنها الخلافة, ولكن المنظرين لم يهدأوا وظلوا يعملون سرا وكلما انفجر صراع في أي بلد قريب منها كالعراق أو بعيد منا كافغانستان نسقوا جهودهم لإغراء المراهقين بوعود وردية للحدث كما يزعمون في سبيل الله, لتنتظرهم الجنة مفتوحة أبوابها وتستقبلهم الحور العين, وها هي فلذات الأكباد في سجون العراق يتهدها الاعدام بين لحظة وأخرى, وها هي تتساقط في أرض الشام, التي تذهب اليها خلواً من أي معرفة بالقتال أو خبرة فيه, بل وتجد قنوات تدعوهم لذلك وتحبب اليهم العنف وقد سمعنا أحد مذيعي هذه القنوات يحرض على عنف في مستشفى ومركز للجيش في اليمن, ورأينا بعد هذا التحريض الحادثة المشؤمة التي ذهب ضحيتها أطباء وممرضون ومرضى, لا ذنب لهم سوى تواجدهم في ذلك المستشفى, ولما طالب الكثيرون إلى منع بث هذه القناة, وجدنا الكثيرين يدافعون عنها وعما فعلت وهؤلاء نجدهم دوماً مدافعين عن هذا النوع من التحريض على العنف المحرم شرعاً والمؤدي إلى إزهاق الأرواح والاعتداء على الاموال والأعراض واعتبار هذا اللون من الجريمة جهاداً, كانوا يدافعون عن القاعدة وزعمائها منذ حرب العراق الثانية وحتى اليوم, رغم أن القاعدة تشتت وأصبحت أجزاء متفرقة عبر العالم, ولا نزال نرى آثارهم في رحيل شباب صغار السن تغسل أدمغتهم فيكونون حطبا لهذه الصراعات الممتدة عبر العالم, يفجرون أنفسهم فيموتون في أصقاع من الأرض بعيدة عن وطنهم, وقل أن تعود اليه جثامينهم, ويصنعون لمقاتلهم قصصا وروايات تملأ الاسماع والافئدة فيندفع الجاهلون إلى الموت علهم يحصدون ما زعم المنظرون لمن سبقهم, وما ظهرت حركة حرابة في التاريخ إلا وزعم منظرون مثل هذا بدءاً من الخوارج ومن جاء بعدهم من جماعات إرهابية, ولا يزال الأمر على ما هو عليه لم يتغير, والدعاة على أبواب جهنم منهجهم واحد قد يتلوّن الاسلوب ولكن المحتوى واحد, وقد حذرنا سيدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من ذلك ففي صحيح البخاري (عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال:كان الناس يسألون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الخير, وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني, فقلت: يا رسول الله, إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير شر, قال: نعم, وفيه دخن, قلت: وما دخنه قال:قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر, قلت: وهل بعد ذلك الخير من شر, قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها, قلت: يا رسول الله صفهم لنا, قال:هم من جلدتنا ويتكلمون بألستنا, قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك قال:تلزم جماعة المسلمين وإمامهم, قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال:اعتزل تلك الفرق كلها, ولو تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك). فما كان الجهاد يلتبس بالعنف والحرابة, وكان المسلمون يجاهدون فينصرون, فكلما ألبس بعضهم الطغيان والحرابة والإرهاب لباس الجهاد وزعموا أن ذلك كله جهاد وأخذ يحرض الناس عليه ويدعوهم اليه حتى يموتوا في غير سبيل الله فيذهبوا مع من دعاه إلى النار, وهؤلاء الذين يحرضون على أن يلبس المراهقون الاحزمة الناسفة ليفجروا أنفسهم في مجامع الناس فيتقلوا أنفسهم ويقتلوا غيرهم وكثيرا ما فعلوا ولم يكن في هذا نصر لدين ولا لمعتنقيه, بل هو العبث سواءُ فإذا كان نصراً للجماعة أو تمهيداً لوصولها إلى السلطة فهو حتماً في غير سبيل الله, وهذا الاسلوب ليس جديداً, فقد كان بين هذه الجماعات المكفرة منذ القديم ولكنه لم يؤد قط إلى نصر فاعله أو جماعته, ولا أن يقنع غيره بما يدعوه اليه, علمنا ذلك يقينا بتتبعنا لهذه الحركات التي أسمت نفسها إسلامية زوراً وبهتاناً, ولها غايات آخر ليس من بينها نصر هذا الدين وأهله, بل لعله يورطهم فيما لا ناقة لهم فيه ولا جمل, وهذا شأنهم عبر التاريخ, فلا يخدعنا أحد عن الحق, فالحق باقٍ والباطل زاهق لا محالة, وأهل الباطل دوما يزينون باطلهم للناس بكل وسيلة, ومن ذلك الثناء على أهله وقادته, وهذا ما يفعله اليوم هؤلاء في تأييد هذا العنف, وهم يحتشدون ليؤيدوا هذا الباطل فيلبسوه لباس زور ويدعون أنه الحق, ولكن الحق لا يلبث حتى يظهر للخلق ويزهق باطلهم وهم ولا شك متنوعون, منهم أغنياء يمدون أهل الباطل بالأموال الطائلة يظنون انهم ينفقون في سبيل الله, وهم يؤيدون بأموالهم باطلاً ظاهراً, وأدعياء علم يظهرون للناس في لباس أهل العلم ومظهرهم, وهم في حقيقة أمرهم أهل سوء أعجبتهم أنفسهم وظنوا أن لهم قدرة على ترويج الباطل بما أوتوا من علم ومعرفة, ولكنهم عما قليل ينكشف أمرهم ويتفرق عنهم الناس لأن الحق بيّن والباطل خفي يزول بسرعة, وأهل الحق كثيرون يواجهون هذا الباطل بعلم وخبرة وهوما نرجو أن يعم والله ولي التوفيق,