إذا كان في هذا الصندوق من الأموال ما يمكن أن يقوم بتأمين صحي لهؤلاء المتقاعدين وتأمين منازل لهم بطريق لا يجحف بأموال الصندوق فهم أولى الناس بإدارة مؤسستهم
المتقاعدون أقسام: الأول منهم راتبه التقاعدي لا يسمن ولا يغني من جوع وكان مرتبه أثناء عمله قبل التقاعد لا يعطيه مرتبًا مجزيًا, والقسم الآخر مهما بلغ مرتبه إن بلغ عشرة آلاف ريال أوأكثر أوأقل أوحتى عشرين لا يصل إليه إلا بعد أن أصبح حطامًا بشريًا, أما القسم الثالث من المحظوظين التي ترتفع مرتباتهم ارتفاعًا كبيرًا فهم لا حاجة بهم أن يتحدثوا عن المتقاعدين, وكل المتقاعدين مهما كانت مرتباتهم وهم على رأس العمل, بمجرد بلوغهم سن التقاعد تنقص مرتباتهم, وهم في حالة الحاجة للزيادة لا النقص, فأسرهم قد ارتفع عدد أفرادها, والموظف المتقاعد قد وهن منه الجسد وهولا يحسن عملا سوى عمله الحكومي, وليس بيده مال حتى ينشئ مثلا مشروعًا يدعم مرتبه التقاعدي, ولا أحد من المتقاعدين يعطى راتبه التقاعدي كاملا إلا عددًا محدودًا الذين عملوا في الوظائف الحكومية بشهادات أدنى من الجامعية, ففي جهاز الحكومي الإداري من عمل بالابتدائية والإعدادية والثانوية وهؤلاء إذا خدموا في الوظيفة أربعين عامًا نالوا كامل المرتب, وقلّ منهم من يبلغ مرتبه عشرة آلاف ريال إلا نادرًا, مع ما تعرضت له النقود من تدني قيمتها عبر الزمن, وقد نشر مؤخرًا أن 40% من المتقاعدين في البلاد يعيشون في منازل مستأجرة, وأظن أن النسبة أعلى, لأن الموظف الحكومي الشريف يجاهد طوال عمره أن تجد أسرته من النفقة عليها ما تعيش به كريمة, ولم يكن منشغلا ببناء بيت وهو يعلم أن دخله لن يمكنه من ذلك, وقد كنا نسمع أن مؤسسة التقاعد قد تعين المتقاعدين على امتلاك منازل لهم, وذهبت الفكرة مع وعود كثيرة لا تتحقق لهذه الفئة التي فنيت أعمارها في خدمة الوطن, ولكنها بعد التقاعد هم خارج اهتمام الجميع, والمعلوم بداهة أن المتقاعدين جلهم من كبار السن, الذين يتعرضون لأمراض قد تكون خطيرة, وكلنا ندرك أن مستشفياتنا الحكومية قد تراجعت خدمات الكثير منها وكثير منهم لا يراجعونها حتى لا يعطى مواعيد متباعدة يفتك به المرض قبل أن يصل إليها, وشركات التأمين لا تقبل التأمين عليهم إلا بمبالغ لا يستطيعون دفعها, وأما أن يراجعوا المستشفيات الخاصة فلن يستطيعوا ذلك لعدة مرات إلا أن يدفعوا كل مرتباتهم التقاعدية لها وحتى لا يكفي مرتب الواحد منهم لزيارة واحدة إلى أحد المستشفيات الخاصة, والمعلوم أن أموال صندوق التقاعد تستثمر منذ سنوات, وفيه أموال عظيمة هي في الأصل أموال هؤلاء المتقاعدين, حتى ولو قيل أن الدولة دفعت لكل متقاعد قدر ما حسم من مرتبه للتقاعد فهوعطاء لها لم تطلب له ثمنًا, ولا أحد حتى اليوم يعلم قدر الأموال في هذا الصندوق, وهل الاستثمار لها قد حقق أرباحًا مجزية, أم حقق خسائر, فهذا مما تتحدث عنه المؤسسة أبدًا, وكان يجب منذ البداية أن يتكون مجلس إدارة لصندوق التقاعد واستثماراته من المتقاعدين المنتخبين من قبل إخوانهم مستحقي مرتبات التقاعد, فإذا كان في هذا الصندوق من الأموال ما يمكن أن يقوم بتأمين صحي لهؤلاء المتقاعدين, وتأمين منازل لهم بطريق لا يجحف بأموال الصندوق, وعبر استثماراته المتعددة, فهم أولى الناس بإدارة مؤسستهم, وبينهم خبرات وكفاءات تستطيع أن تقوم بهذه المهمة بنجاح, أما أن يستمر الحال على ماهوعليه في عصرنا هذا الذي ينال فيه الناس حقوقهم بسهولة, وفي هذا الوطن الأغلى بين أوطان الناس في هذا العالم يحرص قادته أن يحيا الناس في وطنهم في خير الأحوال, وهم ولاشك حريصون على هذه الفئة من المواطنين الذين خدموا أوطانهم طول العمر, وينتظرون أن يفي لهم الوطن عند حاجتهم إلى ذلك عند كبر السن ووهن الأجساد, وهم لا يطالبون بأن يكلفوا الدولة شيئا لا تستطيعه, ومن يذهب عند منتصف الشهر إلى البنك العربي سيرى من إخواننا المتقاعدين فمن مرتبه التقاعدي لا يزيد على ألف وستمائة ريال, يحمل بطاقة صراف ينتظر من يعينه على صرف تلك المئات القليل من آلة الصراف, وإذا نظرت إليه عرفت ما يعانيه من الآلام, ولعل ما يأتي من الزمان ما يغير من حال هؤلاء, فهو ما نرجو والله ولي التوفيق.