المرض وعبره في حياة المريض

هذا الشهر شهر رمضان الثالث الذي مرّ بي وأنا في حالة مرضية شديدة الوطأة على جسدي، عظيمة النفع – بإذن الله تعالى – لروحي فشدة الابتلاء عندي عنوان رضا من ربي يمحو الله بها ما شاء من الذنوب تطهيراً لعبده، فن لم يكن له من الذنوب عظيماً، كان له من الحسنات ما يقربه إلى الله، ويفتح له باباً لمناجاته والتقرب إليه.

ويكفي المرض فضلا ان كان منحة من رب كريم يفيض الله على عباده ما شاء من المنح حتى يجعلهم الأقرب إليه، الذي يذكرونه في كل حال قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، وفي حال المرض وقتهم كله له لا لغيره.
فالحمد لله أولاً وآخراً على فضله الذي جعله لبعض عباده طريقاً إليه والأمل مع المرض أن تطمئن النفس إلى ما اختار الله لعبده وما يختار إلا ما فيه الخير له.

فإن كانت العبرة هي هذه فنعما هي مع عبر أخر لا عد لها ولا حصر، فالانسان في الحياة ضعيف عما قليل راحل، وقد يخطئ في علاقاته بالخلق فلا يحسن الاختيار لبعض اصدقائه ولا يكتشف هذا إلا في حال المرض فالكريم النفس الذي يفي لكل من ظنه صديقاً له يكتشف حيناً أنه ليس بالصديق الذي يفي لصديقه فهو اول من اذا غبت عنه نسيك ولعله مع النسيان إن ذكرت في حضرته وقع في عرضك لمجرد غيرة تعتمل في نفسه أو لأنه اكتشف أنك تختلف عنه رأياً وفكراً، وهو في هذه الحالة نهاز فرص ، لما علم أنك غائب وقد لا يصل إليك ما أحتفى به من الوقوع في عرضك ، ونسى أن الله عز وجل يجعل للمؤمن حرساً من الصالحين يدفعون عنه سوء مثله.

والعبرة هنا أن المرض اتاح لك أن تعلم المحب من أصدقائك الوفي لك ومن هو ليس بصديق أعفاك الله أن تبقى لك به صلة.
فليس كل من اعتبرته صديقاً هو صديق حقاً، وليس كل من اعتبرته عنك بعيداً هو كذلك ، بل لعله أقربهم إليك وأكثرهم وفاء لك.
وقد كنت قد أتممت كتابة ذكرياتي عبر الزمن، وقد أتاح لي المرض مراجعتها لأصطفي منها ما أراه مفيداً لأخواني خاصة منهم ممن تخصصوا في علوم الشريعة وأذكر من خلالها علاقاتي بالناس مما يفيد منه الناس.

وكنت أيضاً قد أعددت كتاباً لمن عرفت من رموز هذا الوطن وأحببتهم أو نفرت منهم ، وايضا أغمارهم من أمثالي للمقارنة والمفاضلة،وأعيد النظر فيه راجياً أن فيه وفاءً لكل من نلت على يديه علماً أو اسدى إليّ معروفاً ومن رأيت أنه قد ظلم وأفسد،أذكر من كان ذا فضل بالاسم وأشير إلى الآخر بما يوضح سلوكه وأخفي اسمه.
وهذا كله إنما هو اليوم بعبر المرض ينضج وأرجو أن يكون فيه للناس فوائد يقتطفونها ويستفيدون منها.
وأحمد الله عز وجل لكل ما أراده لي من قضاء فكل ما يشاءه لعباده خير وإن لم يستطيعوا أدراك ذلك.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

العالم الأول الذي افترى على الأمم!!

عشنا زمناً ونحن نتحدث عن السياسة والمتقدمين في ممارستها، حتى نعتنا دولاً بأنها العالم الأول، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: