هذه الجماعة لم تمتلك من المقومات ما يساعدها على تحقيق غايتها، لكنها سادرة في غيها، تعمل بأساليب متدنية بعيدة عن الواقع..
المدافعون عن الإخوان المصريين في هذا الوطن يدّعون أن خلاف المصريين مع جماعة الإخوان ديني، وهم يعلمون يقينًا أن الأمر ليس كذلك، فالخلاف في أصله سياسي، فالجماعة منذ تأسيسها ولها غاية واحدة، مهما التفت عليها وزعمت أنها جماعة دعوية تريد للمجتمع أن يتدين وأن يتمسك بدينه، إلا أن الجميع يعلم ما هي الغاية، التي تحدثت عنها أدبيات الجماعة، ونظمها المرسومة وما أعلنته المرة تلو المرة، أنها تتغيّا أن تكون الجماعة الحاكمة لا في مصر وحدها بل وفي ديار المسلمين كافة، بل وفي العالم أجمع، وما حديث أستاذية العالم إلا منبأة عن هذه الغاية، وطبعًا مقدرة الجماعة على تحقيق هذه الغاية ليس مشكوكًا فيها وحسب، بل هي غاية مستحيلة، فهذه الجماعة لم تمتلك ولن تمتلك من المقومات ما يساعدها على تحقيقها، لكنها سادرة في غيها، تعمل جادة بأساليب متدنية وبعيدة عن الواقع لذلك، وقد اقتحمت المخاطر من أجل هذا، وواجهت الحكومة والشعب معًا في مصر على مرّ تاريخها ولم تنجح، ولما أطل زمان ما أسماه الغرب بالربيع العربي، الذي ساد بعض الأقطار العربية خلال السنوات الثلاث المنصرمة، بدءًا بتونس ثم مصر ثم ليبيا، واليمن قبل ذلك، وجدت هذه الجماعة وهي منظمة عابرة للأقطار، استطاعت في غفلة من الحكومات تأسيس فروع لها في كثير من الأقطار، وإن ظلت مصر المركز الأساسي لها في عالمنا الإسلامي وبدأت تحيك المؤامرات للاستيلاء على الحكم في هذه الأقطار التي تحرك فيها الناس طلبًا للتغيير، بعد أن فشا فيها لون من الاستبداد الذي قضى على كل طموح الشعوب في حياة حرة كريمة، ووجدوا الأسهل لهم في تحقيق غايتهم الشعب المصري الطيب، الذي شهرعنه التدين، الذين يجعله ينخدع بمن يدعوه باسم الدين، ولشيوع ظاهرتي الأمية والفقر بين الكثيرين من أفراد المجتمع المصري، سهل على الإخوان الوصول إلى غايتهم بسرعة، فالفقير المعدم من السهولة بمكان السيطرة عليه بما يسد حاجته، والأمي الذي لم يتعلم يجهل الكثير من حقائق الحياة ويمكن أن يخدع، وإن كانت خديعته لا تستمر أبدًا، وكان المدخل لتحقيق الغاية هو الادعاء بأن الجماعة تؤمن بالديمقراطية، رغم أن أدبياتها والمشهور من أقوال مرشيديها والبارزين من أعضائها يرى في الديمقراطية وآلياتها مخالفة للنظام الإسلامي المبشر به من قبلهم وهو إقامة الخلافة الإٍسلامية، التي يرونها من أصول الدين لا من فروعه، ولكن الإعلان عن ذلك مرحلي حتى تتمكن الجماعة من الحكم، فإذا تمكنت أمكنها يؤمئذ التخلي عن هذا الإيمان بسهولة، ولما كانت جموع الشعب المصري تنادي بالديمقراطية ركبوا موجتها، واستطاعوا في الفوضى التي تلت الثورة أن يعملوا على الوصول للحكم، فبدأو بتشويه سمعة كل الذين شاركوا في هذه الثورة، وطالبوا بمحاكمة الكثيرين منهم، حتى وهم لا يمتلكون أدلة على ما يتهمونهم به، ولذلك لم يثبت على أحد ممن قدموه للمحاكمة أيُّ من التهم التي أشاعوها، لا لأن القضاء مسيَّس كما يدعون، أو أن الشعب كله يعاديهم، وإنما لأنهم إنما يتآمرون على الناس، وعندما بدأت الانتخابات بدأوا بإنفاق المال السياسي بمبالغ طائلة لشراء الذمم، في مجتمع شاعت فيه الرشوة في ظل الحكومات السابقة، وأصبح كل ناخب يصله منهم مال يجعله يمنحهم صوته وإن كان لا يرغب فيهم، والغريب أنهم رغم الادعاء بأنهم دخلوا السجون ظلمًا وأنهم قد قمعوا قمعًا شديدًا، إلا أن الكثيرين حاز من الأموال، ما لم يستطع أولئك الذين في سدة الحكم الحصول عليه، ورأينا رجال الأعمال منهم وقد تضخمت ثرواتهم حتى بلغت المليارات وهم في السجون، فكيف لو كانوا خارجها، ولما لم يحسنوا أثناء توليهم السلطة وثار الشعب عليهم، عادوا لسيرتهم الأولى في ادعاء أنهم قد ظلموا وأخذوا يشيعون مظلومية تجاوزت ما أعلنه الشيعة من مظلومية بعد مقتل سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه.
ويحدثنا أتباعهم في بلادنا عن تقواهم وصلاحهم ويدعون أنهم ظلموا، ويروون عن أحداث وقعت لهم لم يروها، فيشهدون بما لم يروا ويبالغون في ذلك مبالغة لا يمكن معها التصديق، وقد وصلني من أحدهم على بريدي الإلكتروني رسالة رامزًا لاسمه بأبي شهاب المدني، وكل أعضاء هذه الجماعات الإرهابية المنتهجة العنف يكنون أنفسهم ويخترعون نسبًا لهم ليتخفوا وراءها ويقول: أنه قرأ مقالي(يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) ويتأسف أنني دخلت ركب المزايدة والهجوم على طائفة من المسلمين لها سبقها وفضلها، ولا يكتفي بهذا حتى يطلب مني كتابة مقالة أخرى لتصحيح -كما يزعم- ما جاء في مقالي، ثم يتحدث عن رد له على كاتبة زعم أنه أرسله إليها في 14 فقرة فيها من المزاعم الكاذبة ما لا يحتمله الواقع، والشيء العجيب أنه لم يذكر ولا يستطيع هذا السبق الذي حازته هذه الجماعة الشاذة فكرًا وسلوكًا، ولا ما هو فضلها، فإذا هو المزايد الذي لا يعي ما يقول، وطبعًا هو ليس إخوانيًا كما هي دعوى كل واحد منهم، إنما هو الأعلم والأتقى، كما هي عادة أصحابه.
وقد كنت طلبت منهم أن يراجعوا أفكارهم، ففي وطنهم من العلم بالدين ما لا يحتاجون معه أن يقلدوا أمثال هؤلاء الذين غالبهم لا علم لهم بدين وإنما يتجرون به للدنيا ليحوزوها عن طريق التحكم في رقاب الخلق وهيهات لهم أن يصلوا إلى هذا مهما فعلوا، وهذه الفوضى التي يثيرونها في مصر عما قريب ستختفي لأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، ولعلهم يوفرون على أنفسهم كثيرًا مما سينالهم من العقوبة إن استمروا على ما هم عليه اليوم، فهل يفعلون هو ما نرجو والله ولي التوفيق.