المصالح قد تغطي على جريمة قتل السفير

الواضح منذ وقوع حادث مقتل السفير الروسي في أنقرة، على يد أحد رجال الشرطة الأتراك، والموقف الروسي من هذا، كل همّه أن يوجه الأنظار إلى أن المقصود من الجريمة العلاقات الروسيَّة بتركيا، وله أن يرى ذلك، مادام يرى أن هذه العلاقة ستقود إلى صيانة مصالحه في سوريا، ومن ورائها كل دول الشرق المتوسط، فعينه على المصالح لا الحادث الذي أودى بحياة السفير، فالإرهاب في هذا العالم منتشر، وهو يتيح له أن يتحالف مع تركيا لحرب هذا الإرهاب، كما يتحالف مع غيرها كإيران، والتي جمع بينها وبين تركيا في اجتماع من أجل إخلاء مدينة حلب من سكانها، وتسليمها لجيش الأسد، وقد عقد تحالفات عدَّة لأن يمضي في جهوده من أجل أن يجد موضعًا لروسيا تنشر فيه جيشًا، وتؤسّس قاعدة، ولا يتصوَّرنَّ أحد أن وجود قواعد لروسيا في شرقنا العربي أمر لن يضرنا، فما من قاعدة أجنبيَّة يؤسس لها في بلد عربي إلاَّ وخطرها قائم عليه، وعلى البلدان المجاورة له، فالقواعد لا تؤسس للسلم، بل تؤسس للحرب، ولعل المنطقة لا تنقصها الحروب، فسوريا في حرب دائمة، ولعل ما يجري اليوم سيفجر حربًا طويلة المدى، رغم أن الظاهر أن المقاومة السوريَّة قد ضعفت، وأخرجت من المدن والقرى التي كانت تتمترس فيها لقتال النظام، وعندما اختلط الأمر فأصبحت الحرب حروبًا متعددة: حرب على الإرهاب مزعومة، وحرب على عرب سوريا وسنتها قائمة، وحرب على أكراد سوريا تقودها تركيا، وحرب روسيَّة تنظف مدن سوريا من سكانها، فالحرب السوريَّة وإن طالت فلابدَّ وأن تنتهي بخروج جميع الأجانب من سوريا، بعد أن تزداد خسائرهم في الأرواح، ويأتي اليوم الذي يغادرون سوريا فيه، ولا يبقى في سوريا إلاَّ أهلها وإن اجتمعوا على حرب النظام هزموه لا محالة، وهو مهزوم أصلاً نفسيًّا وواقعيًّا، فهو لا يسيطر إلاَّ على القليل من الأرض السوريَّة، وحلفاؤه لن يضحوا من أجله عندما يشتد القتال، ويبدأون في فقد أرواح جنودهم، فتضج شعوبهم من ذلك؛ ممَّا يدفعهم لا محالة إلى الخروج من سوريا متعجِّلين، إن كل حرب وإن طالت حتمًا ستنتهي، ولعل الخسائر للجميع فادحة في تلك الحرب التي لا منتصر فيها، إلاَّ الشعب إذا عاد إلى أرضه آمنًا مستعدًا للحياة عليها عبر اتِّفاق بينهم وسلام يستمر، ولعل السلام قادم، فهو ما نرجو، والله ولي التوفيق.

About عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

Check Also

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: