المملكة ومواجهة حقيقية للإرهاب

لمواجهة حقيقية لهذا الإرهاب، الذي فتك بالمجتمعات الإنسانية، خاصةً منها المجتمعات العربية والمسلمة، التي اختارتها هذه الجماعات المتطرّفة، التي استحلّت الدماء والأموال والأعراض، وحاولت تدمير العمران، لابدّ من مواجهة شاملة فكرًا، وأمنًا، ومواجهةً عسكريةً واقتصاديةً، فالإرهاب داء عظيم يفتك بحياة الأمم، فلابدّ من تتبّع جذوره فكريًّا، للقضاء على كل ما يمدّه نظريًّا، ويُبقيه حيًّا، والغوص في ثقافة الأمة، والثقافة المحلية لكل بلد هاجمه الإرهاب للقضاء على جذور هذه الثقافة التي تُبقيه حيًّا، ولعلّ هذا ما قامت به المملكة مؤخّرًا، فهاجمت البناء النظري لجماعات الإرهاب، وقضت على ما تدّعيه أنه على صلة بالإسلام، ثم تتبّعت جذور تمويله، وحاولت أن تقطع منه المدد المادي، وقد نجحت في كثيرٍ من الأحيان، ثم واجهت هذه الجماعات دون تفرقة أمنيًّا، واستطاعت القبض على أفرادها، خاصة منهم المنظِّرين الذين يأخذون البيعةَ على عمل شيطاني يقومون به، وما تقديم مجموعة كبيرة منهم للقضاء، والحكم على سبعة وأربعين منهم بالقتل، ثم تنفيذ الحكم في ساحات العدالة في السجون، إلاّ مثال حي لهذه المواجهة الحاسمة، والتي ستتواصل -بإذن الله- حتى نقضي على هذا الداء الذي عطَّل الحياة في كثير من بلدان العرب والمسلمين، واستطاعت المملكة وحدها صدّه، وننتظر منها القضاء عليه، ولا شكّ أن الجريمة لا يُقضَى عليها إلاّ بالقضاء على الثقافة التي أنشأتها، ونحن هنا في المملكة في طريقنا للقضاء عليها، دون أن نخاف من أن يقع بيننا اختلاف، فنحن صادقو العزم على بيان الحق للناس، حتى نُعرِّي هذه الثقافة، ونقطع آخر خيط لها يُحاول الإرهابيون وصله بالإسلام، ونبحث عن جذور المال الذي يُنفقون منه على عملياتهم، لنعترضه، فلا يصل إليهم، ثم إذا قبضنا على أحد منهم، منظِّرًا، أو مموِّلاً، أو عاملاً في الميدان، قدَّمناه إلى قضاءٍ لا يخشى لومة لائم، يُنفِّذ الأحكام الشرعية فيهم بكل طمأنينة، وعن اقتناع أنهم سيُسقَون من نفس الكأس التي سقوا الناس بالموت الزؤام، وحينما يشعرون بأنهم ذاهبون إلى ربٍّ عادل، سيعدل فيهم بعد أن ظلموا خلقه، فإن كثيرًا منهم سترتعد فرائصه، وسيعلم أيّ منقلب سينقلب إليه، وقد قَتَل واستَحَلَّ أموال الخلق، وأعراضهم، فما لقيه في الدنيا، ما هو سوى القليل ممّا سيلقاه لاحقًا، عندما يُحاسبه ربّه يوم الفصل بين الخلائق.
اللهم ثبّت بلادنا على الحق، واردع عنها أهل الشر بالحق، إنك بنا رؤوف رحيم.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: