النظرية الشعرية للشاعر حمزة شحاتة

إن ما كتبه الأديب حسين بافقيه في كتابه “مضايق الشعر” يختلف عن كل دراسة صدرت عن أدب الشاعر الرائد حمزة شحاته

الشاعر الكبير حمزة شحاتة, تلك القامة الفكرية والأدبية “الشعرية” فيلسوف شعراء الجزيرة, الذي حار في أسباب عبقريته مجايلوه, فألف أقربهم إليه أستاذنا الرائد الأستاذ عزيز ضياء, عنه كتابه الشهير “قمة عرفت ولم تكتشف” ورغم غياب نتاجه الأدبي عنا زمنًا, إلا أنك تجد إجماعًا على عبقريته وإبداعه المتفوق, حتى طبع ديوانه ثم ألحق بكتابه الموسوم “رفات عقل” ومحاضرته الشهيرة “الرجولة عماد الخلق الفاضل” والتي شهرته منذ أيام شبابه, ثم مقالاته التي جمعت في كتاب: حمار حمزة شحاته, والتي ضمتها الأعمال الكاملة للأديب الكبير حمزة شحاته” والتي صدرت عن الأثنينية عام 1431هـ وقد صدرت عدة دراسات عنه وكتابات متفرقة ضم بعضها إلى تلك المجموعة, وجاء بعضها بعد صدورها, إلا أن ما كتبه الناقد والأديب الأستاذ حسين محمد بافقيه في كتابه “مضايق الشعر” والذي نشر في عام 1433هـ يختلف عن كل دراسة صدرت حتى اليوم عن أدب الشاعر الرائد حمزة شحاته, فقد حاول فيه المؤلف بمهارة أن يكشف عن النظرية الشعرية التي توخاها حمزة -رحمه الله- في مقدمته لكتاب “شعراء الحجاز في العصر الحديث” تلك المقدمة التي كادت أن تكون انفجارًا ضخمًا تردد صداه في ساحة الأدب في الحجاز حين خطها قلمه, وطبعت في مقدمة كتاب وهي تنتقد ما فيه أشد الانتقاد, وقد كتبت بأسلوب ناقد مبدع وفيلسوف يعز على الكثيرين إدراك مرامي ما أبدع, واستقبلتها الساحة الأدبية بكثير من الاحتفاء الذي تضمن إشادة بها, كما تضمن نقدًا لها بلغ أحيانًا مبلغ الهزل, ولكن على كل حال ظلت مثيرة للاهتمام على مدى زمن طويل ولا تزال, ومن هذا الاهتمام المتوالي هذا الكتاب الرائع الذي أعاد دراستها من حيث كونها تعبر عن نظرية شعرية أشاد بنيانها شاعرنا الفيلسوف, ولعل الكثيرين لم يهضموها فساء حكمهم على مقدمة حمزة التي تضمنتها, واستطاع مؤلفنا الناقد أن يستنطقها فيعرض من خلال كتابه لهذه النظرية, مبتدأ بحديث عنها فيقول ” المقدمة نفيسة جدًا, وهي عميقة جدًا وهي مع نفاستها وعمقها, لم ينتفع بها الأدب والنقد, ومرت دون أن يسمع لها أحد ركزًا حاشا عبدالله عبدالجبار, عرف قدرها, ولكنه مرّ بها سريعًا, أما أدباء ذلك العصر, ممن انتهى إليهم العلم, فلم تستهوهم كلماتها, فسكت عنها قوم وجفاها آخرون, وتحاموا الخوض فيها, وهي كلمات أعلنت حقيقة عن المقدمة وأشارت لصاحبها, الذي كاد لا يعرفه في هذا الوطن إلا القلة, فقد واجههم بمحاضرة يردد الكثيرون ذكرها, ولم يقرأها بتمعن إلا القليل ممن هم في ساحة الأدب والثقافة, تلك المحاضرة “الرجولة عماد الخلق الفاضل”, وأحسوا ألم كلماته تنفذ إلى القلوب فتألمها, يقول عنها ناقدنا الجليل حسين بافقيه: “كانت المحاضرة شاقة وعرة, أحبها الأدباء والمثقفون, واحتفلوا لها احتفالاً عظيمًا” فشاعرنا الفيلسوف الذي ولد عبقريًا كان ولا يزال المجهول الحاضر في هذا الوطن, الذي قل فيه النبوغ والإبداع لأسباب كثيرة متنوعة أعلم أن كثيرًا منها يدركه من سلكوا طريق الإبداع, ولعل الوحيد الذي بحث عن نظرية شعرية لدى حمزة شحاتة هو مؤلفنا الكريم, مستحضرًا ما كان يؤمن به الشاعر الكبير من مبدأ التجريد وحديثه عن معدن الشعر وغايته.. للوصول إلى أن الشعر ليس موهبة فقط وأنه أسلوب, وأن بواعث الشعر والغناء واحدة, ولأن الشعر فن فهو قدرة, فالشعر كلام وصناعة وفن, وأن غايته في النهاية الجمال, عبر الأسلوب والديباجة لتنتهي إلى أن الأسلوب هو الجمال, وأظن أن هذه المفردات توحي بالجهد الذي بذله ناقدنا الجميل الأستاذ حسين بافقيه وما عاناه للوصول إلى نظرية شعرية للشاعر الكبير حمزة شحاته من خلال مقدمته لذاك الكتاب عن شعراء الحجاز في العصر الحديث, ولن أوفي كتابه حقه في هذه السطور القليلة ولكني أرجو أن أكون قد حرضتكم على قراءته, فقد استمتعت بقراءته ليال عدة رغم أنه صدر في حجم صغير ولم تتعد صفحاته مائتي صفحة, وإنا لمنتظرون كتابه عن أستاذنا الجليل الناقد الكبير عبدالله أحمد عبدالجبار ولعل ذلك قريبًا, فهو ما نرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: