الاثنينية وحديث عن الهيئة

نسأل عن نظام الهيئة الجديد.. هل تم إنجازه؟ ومتى سيطرح للعامة ليطّلعوا عليه؟

مساء يوم الاثنين 26/6/1413هـ احتفت الاثنينية بفضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وحينما وصلني الخبر قبل ذاك المساء عزمت على حضورها, خاصة وأني من روادها الدائمين, ولكن صحتي المتعثرة حالت دون أن أحضر الأمسية, ولما قرأت في الصحف عمّا دار فيها حثّني ما قرأت أن أكتب عنها هذا المقال, فالاثنينية أثيرة لديّ, فهي صالوننا الشهير, الذي أتاح لنا منشؤها صديقنا الشيخ عبدالمقصود محمد سعيد خوجة أن نحتفي في مساءاتها الجميلة بالمبدعين من أبناء وطننا, وبعض إخوتنا من الدول العربية, بل وأحيانًا من غيرهم, نتعرف عليهم ونناقشهم فيما أبدعوا فيه, نحتفي بعلماء ومفكرين وأدباء, وتسجل لقاءاتنا بهم عبر وسائل عدة, حتى أننا نطالع تلك الأمسيات منذ نشأت الاثنينية وحتى اليوم, وسرّني حسن الاختيار في هذه الأمسية, فالدكتور عبداللطيف كما هو ذو منصب رفيع, فهو قبل ذلك عالم جليل له نتاج علمي مقدر, وكنا في مساءات جدة نتمنى أن نجد الشيخ ضيفًا علينا, فشخصه الكريم يهمنا كما يهمنا منصبه, خاصة بعد أن حدث شرخ بين الناس والهيئة لأخطاء وقعت من بعض العاملين فيها, وكنت قد كتبت يوم أن عُين فضيلة الدكتور أني أتفاءل بهذا التعيين, خاصة أنه من الأسرة التي أوكلت إليها فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في البدايات, وعرفنا منهم عددًا تولوا ذلك, فلم يكن قط في عهدهم الأخطاء التي تكررت في السنوات الأخيرة, ولا أزال عند رأيي في هذا التفاؤل, وأظن تفاؤلي في محله, فالخطوات التي أخذها فضيلته لتطوير جهاز الهيئة تدل على ذلك, ولعل أول نجاح له هو عندما تخلص هذا الجهاز من المتعاونين, والذي ذكر للمثقفين أنهم كانوا بعشرات الآلاف من عسكريين وموظفين وطلاب مدارس وعاطلين وغيرهم, وقال: إن بعضهم كان يرى أنه الحاكم بأمره, وكنا عندما نقول إن الهيئة تستعين بمتعاونين من خارجها, وبيّنا أن هؤلاء المتعاونين قد يستخدم بعضهم هذا في الانتقام ممّن يختلف معهم, أو يكون بينه وبينهم خصومة, كما أن بعض هؤلاء -وإن أظهروا التديّن- فقد يكونون جهلة بهذه الفريضة وضوابطها, فيرون ما هو معروف منكرًا, ومَن يعلم قد يكون متعصبًا كما عبّر فضيلته يرى أنه الحاكم بأمره, وكنا عندما نكتب عن هؤلاء المتعاونين -وأنا من أوائل من كتبوا عنهم- نواجه بأن الهيئة تنفي أنها تستعين بمتعاونين من خارجها, وتهاجم من يتحدث عن ذلك, رغم أن الحقيقة غير ما تقول, وحينما ينتهي هذا التعاون المؤدّي إلى الأخطاء الفادحة, فهذا مكسب للهيئة ورحمة للناس ممّن قد يسيئون إليهم كل حين, فليس كل من أظهر التدين شكلاً هو متدين حقيقة, كما أن تدوير القيادات ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وسيلة إصلاح مهمّة, كما أن المتابعة لمن يعملون في الميدان بعيون مفتوحة, ومن قبل قيادة موثوق بها, ستقلل -ولا شك- من أخطاء تقع كل يوم ويشكو منها المواطنون, كما أن تدريب موظفي الهيئة على السلوك الأرفع, والمخاطبة الشرعية الراقية, واستخدام اللغة الأقرب للناس في هذا العصر كل ذلك سيؤدّي حتمًا إن كان بالدقة المطلوبة إلى أن تتقلص أعداد الشكوى من سلوك خاطئ لبعض العاملين في الميدان, وعدم التسامح أمام الأخطاء أهم أسباب القضاء على شكوى من أخطاء أعضاء عاملين في الميدان, وآخرين في المكاتب, لأن مَن أمن العقوبة ستزداد أخطاؤه, وإذا علم الناس أن مَنْ تضرروا مِنْ سلوك خاطئ لموظف في الهيئة سيأخذون حقهم, وسيعاقب من أخطاء في حقهم, وأنه لا يمنع من هذا أنه يقوم بمهمة هي من أعلى فرائض الدين, فإنها إن كانت مقدسة فهو حتمًا غير مقدس, ولا معصوم عن الخطأ, وأن يوعى بهذا عامة الناس حتى لا يسكتوا على ضرر يقع عليهم, وعلى العاملين في الهيئة ليعلموا أنهم موظفون في جهاز حكومي يأخذون عليه أجرًا من المال العام, وأنهم لا يستحقونه إلاّ إذا أدّوا ما عهد إليهم أداؤه بأمانة وبأقصى حد من الكمال, مثلهم مثل سائر موظفي الدولة, فإن رفع الغطاء عن قداسة موهومة في كثير من مجالات التطبيق لأحكام الدين, يجعلنا جميعًا نعترف بأننا كما نصيب معرضون لوقوع الأخطاء منّا, فما بالك إذا وقعت منا الجريمة والمخالفة الواضحة والصريحة لأحكام الدين, فإذا كانت أحكام الدين القطعية معصومة إلاّ أن طريقة تطبيقها غير معصومة, وقد ذكر أثناء اللقاء أن الهيئة قد ضبطت في مدة لم تزد على أربعة أشهر 554 عملية إتجار بالبشر, ونشد على يد العاملين في الهيئة على هذا الإنجاز, ولكنا نود أن نعلم ما هو مفهوم الاتجار بالبشر عندهم, وهو ما يقودنا إلى أن نسأل عن نظام الهيئة الجديد, فكل نظام واضح جلي يعلمه الخاصة والعامة, ولا يتداخل مع أنظمة أخرى لأجهزة أخرى في الدولة سيريح العاملين في الهيئة, والجمهور المتعامل معهم من المواطنين, فهل تم إنجازه؟ ومتى سيطرح للعامة ليطلعوا عليه, هذا ما نرجو أن تكون الإجابة صريحة وسريعة, والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

العالم الأول الذي افترى على الأمم!!

عشنا زمناً ونحن نتحدث عن السياسة والمتقدمين في ممارستها، حتى نعتنا دولاً بأنها العالم الأول، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: