القدر اللازم من العلم بالدين

مع الربيع العربي هبت على المجتمعات العربية قدراً من حرية التعبير لا حدود له فقد انتهت القيود عليها بسقوط الأنظمة المستبدة, وأصبح كل الناس يتحدثون عما يعرفون وما لا يعرفون ظناً منهم أن هذا حق لهم مكتسب, وبما أنه في الغالب قد وصل إلى سدة الحكم جماعات تنعت نفسها بالإسلامية فقد أصبح الجميع يتحدثون عن الإسلام وعلم الدين, وبدأ يظهر على السطح أن الثقافة الإسلامية في مجتمعاتنا العربية كلها ضعيفة إلى الدرجة أن الإنسان إذا تكلم شعر أن علمه بدينه يتدنى إلى الدرجة التي تزعج, فمن العلم بالدين ما هو فرض عين على المسلم لا يعذر أحد بجهله فعليه فروض يجب أن يؤديها وأركان لا بد من أن يؤمن بها وأن يعلم عنها المقدار الذي يؤهله أن يأتيها, والجهل بمثل هذا كارثة, لأن الاسلام حينئذٍ يتحول ديناً لا يمارس, فقط يتسمى به الناس, ولا ينعكس على سلوكهم, وهذا الدين الحنيف ميزته الأساسية أن من آمن به ينعكس على سلوكه, ولهذا المسلمون الأوائل إنما دعوا إلى دينهم عبر هذا الالتزام, فرأى الناس سلوكهم حميداً فأعجبوا بهم فآمنوا بما آمنوا به, فأنت اليوم تسمع من يقول عن فروض الدين أنها لا تجب وأن هذا من اختراع الجماعات الإسلامية, وترى من يعيب شكلاً على رئيس الدولة أن يصلي الفروض الخمسة في الصلاة علناً, رغم أنه يعلم من شؤون الدنيا الكثير, ولكنه عندما يصل إلى الدين, يزعم لك أنه صلة بين العبد وربه, مخالفاً بذلك كل نصوص هذا الدين, مع أن العلم بالدين في دولنا العربية كلها متاح للجميع, رغم القصور بأن ما يلزم الفرد منه لا يعلم في المدارس بصفة الزامية في بعض دولنا العربية, وهو خطأ كان يجب أن يتلافى منذ زمن بعيد, أما إذا انتقلتا إلى التاريخ الاسلامي, فقل أن تجد من يعلم عنه شيئاً ولو يسيراً, مع أن كثيرين يلمون بتاريخ الدول الأوروبية مثلاً, ولا يعرف عن تاريخنا الإسلامي شيئاً, مع انه تاريخ بلادنا العربية كلها, ولن تجد متحدثاً عنه اليوم إلا من يستحضر من صفحاته ما اسود, وكأنه بينه وبين الاسلام عداوة, إن هذه الحالة يجب على دولنا العربية أن تراجعها بدقة وتزيل الأوهام عنها وتثقف الناس بدينهم فهذا من أسباب استكمال حريتهم الجديدة فهل هم فاعلون .. هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: