النقد ضرورة من أجل إصلاح كل وضع مختل، ومن أجل إزالة كل خطأ وقع، خاصة تلك الأخطاء الفادحة التي يتضرر منها الوطن والمواطنون، وتقف في وجه تطور بلادهم، وارتقاء حياتهم إلى المستوى الذي يرغبون، وكل البلدان التي تقدمت إنما تم لها ذلك عبر وجود اعلام متميز ناقد، يتتبع مواطن الخلل ويشير إليها بوضوح تام وبمزيد صراحة وشفافية، والصحافة الحرة إنما صحافة المقال الناقد، والتحقيق الذي يعرض كل صور الواقع، ويطرح كل وجهات النظر، الصحافة المهتمة بقضايا الوطن ، ولها مساحة من حرية الرأي كبيرة تصل من خلالها إلى كل المعلومات، وتنتقي منها ما يعضد موضوعاتها التي تطرحها للمناقشة.
وقد نهضت صحافتنا اليوم وأتيح لها من حرية الرأي والتعبير مما ساعدها على أن تطرح الكثير من الموضوعات التي كان طرحها قبل قليل من الزمن من المستحيل، وقد كانت في هذا جريدة البلاد سباقة، ولكن وللأسف لايزال لدى الكثيرين ممن يعملون في حقل الاعلام والصحافة منه على وجه الخصوص، خوف شديد من حرية الرأي والتعبير، وظلوا يخافون أن يوجه النقد إليهم مباشرة، أو إلى ما يمثلونه من رأي وفكر، ولا يرتضون غيره حتى أن المجاملة تدخل حيناً في ما يمنحونه الموافقة من الاراء التي تطرح عبر المطبوعات التي يسيطرون عليها، أو أوكل إليهم الاشراف عليها، فيسمحون لما هو يسير على منهجهم ويرفضون ما يغايره، ولا يسمحون بنقد يوجه لمن لهم به صلة أو تربطهم به علاقة، حتى وإن كان ما يقوم به مضر للوطن وأهله، والصحافة الموجهة اليوم لم يعد لها مكان في هذا العصر، ذلك أن كشف سوئها سهل ومعرفة توجهاتها أيسر، والصحف ذات التميز في طرح المقالات والتحقيقات والربوتاجات الحية الملتزمة بطرح نقدي نزيه، هي التي يقبل عليها القراء حتى في حال مزاحمة الاعلام الالكتروني للصحف المقروءة بقسوة، وعلى صحفنا المحلية أن تختار بين أن تكون صحافة مقروءة يقبل عليها الناس، أو صحافة تقدم رجلاً وتؤخر آخرى في قبول حرية الرأي والتعبير وتعتمد النقد النزيه في سائر المجالات حتى الأفراد الذين يفرضون أنفسهم على ساحة الإعلام، مادام النقد لا ينتقص شخصياتهم وسلوكهم خارج نطاق عملهم، ومايطرحون على الناس علناً هو محل النقد ولا يحل لهم الاعتراض عليه، فكشف الحقيقة عارية للناس لا تضر أحداً ولا تعتبر انتقاصاً له، وإنا لنرجو أن يتسع نطاق حرية التعبير في جميع وسائل اعلامنا فهي ما ننتظر، وهي ما نرجو ان تتتحقق والله ولي التوفيق ..
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …