حينما لا يكون للنقد فائدة

النقد هو الأداة الأهم لكشف القصور والخلل، بل ولعله الوسيلة الأهم لكشف انواع وألوان الفساد في المجتمعات البشرية، وهو أداة التصويب في مجال الفكر والعلم والآداب والفنون.
ولكن للنقد شروط ان تخلى عنها لم يعد نقدا، ولم تعتد له فائدة، واول شروطه ان يكون نزيهاً، لا تجترح من اجل تصفية حسابات قديمة بين الافراد او اصحاب الحرفة الواحدة، ولا يكون من اجل تشويه احد اعتبره الناقد له خصماً، وقد يكون غافلاً عن خصومته، ولا يكون من اجل اثبات انه الأعلم واكثر صواباً والأعظم اطلاعاً.
فكل هذا لا يعين الفرد او الادارة او الحكومة المنتقدة فهم في حاجة أمس لمن يكشف لهم ما وقعوا فيه من خطأ حقيقة ليصوبوه، او قصور ليتلافوه او خلل متوال، يحتاجون لسده.
وانما هو رغبة آثمة في نفوس المنتقدين لتشويه من انتقدوهم، ولا اشك ان العقلاء من اشد الناس فطنة لاكتشاف هذه الالوان الآثمة من النقد، وهي في حقيقتها ليست نقداً بقدر ما هي هجاء كهجاء الجاهلية، ولهذا تجد من يستخدمها من الكتاب يمكن اكتشافه بسهولة تامة ودون عناء.
ونرى منها في صحافتنا ما هو دون ذلك ولكنه اشد سوءاً، فما ان ينتقد كاتب ادارة او جماعة الا ورأيت صفاً وراءه يمثل له رجع الصدى يردد ما ردده المنتقد الاول، فان كان نقده نزيهاً فنقد التالي له لا فائدة له البتة.
ونرى منها من ينتقد المجهول من الافراد، فهو لجبنه عن ان يصرح بنقده لهم بصراحة يبهم نقده لهم، الصغار الاذلاء الطغام وينهال الذم لمن لا يعرف القراء، وقد لا يعرف الناقد ايضا شخصه، لكنه اعتاد ان يكون ناقدا حتى لمن هو فيرحم الغيب لم يكتشفه بعد، وطبعاً حينئذ لا يستفيد المجتمع من هذا النقد، كما ان الناقد ايضا لم يستفد منه ايضا فمن اراد تشويهه غير معلوم للناس، ونحن في عصر السرعة فيه للاحداث فائقة، وليس لدى الناس الوقت للتخمين من انتقد هذا الكاتب ولماذا، رغم انك تحس وانت تقرأ هجاءه المبهم المجهول، انه في قمة احساسه بالوجع والالم من هذا الذي وجه اليه سهام نقده، لكن لانه مجهول مبهم غير معروف، فنقده هذا ذهب ادراج الرياح تذروه فلا يمسك احد منه ذرة.
ولعل هذا اثار مرض نفسي يعتاد هذا الكاتب الناقد لم يستطع التخلص منه، فهلا كان لنقدنا فائدة تعود مجتمعنا وعلى ما ننتقده هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: