جاءت برقية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إلى ولي عهده الأمين وزير الداخلية ونائب رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف -حفظهما الله- حاسمة بشأن حادثة مسجد علي بن أبي طالب بالقديح، كما هي مواقفه دائمًا من قضايا الوطن، خاصة ما يتهدد أمنه، فالخَطْبُ جلل، وخسارة الأرواح تحتاج للضرب على أيدي العابثين بحياة أبناء الوطن، والعقوبة الرادعة تنتظر المخططين لهذه الجريمة النكراء، والاعتداء الأثيم، والذي يتنافى مع القيم الإنسانية والإسلامية -كما وصف القائد الحكيم- وسينالها المجرمون، ومَن شاركهم، أو دعمهم بقول، أو فعل، أو مال، وكل مَن تعاطف معهم، وأظهر قبوله لجريمتهم، فالوقت لن يمضي بعد الآن طويلاً، بل سيعقب الجريمة البشعة عقوبتها سريعًا، حتى تنذر كل مَن يراوده أن يقدم على مثلها، وحينما يأتي التوجيه الملكي الكريم لمن له الخبرة والقدرة على الفعل السريع لدرء الجريمة عن الوطن والمواطنين، فهو ما يبث في النفوس الطمأنينة أن القصاص من المجرمين واقع لا محالة وبسرعة -بإذن الله-.
وحينما ينضم إلى المباشرين للجريمة تخطيطًا وفعلاً، واستيرادًا للمادة المفجّرة الخطرة، وكل مَن دعم فعلهم الشنيع من المنظّرين المشاركين في الفعل بالقول والتوجيه، وغسل أدمغة صغار السن؛ ليندفعوا إلى قتل أنفسهم، فيخسرهم ذووهم، والوطن، ويكونوا قنابل موقوتة تنفجر لتقتل الأبرياء، وتدمر من الوطن أجزاء عزيزة على أهله، وهم يظنون أنهم بالفعل الشنيع سيقدمون على الجنة بمجرد أن تفارق الأرواحُ الأجسادَ، في توهّم سيئ لا يقبله عقلٌ ولا شرعٌ، وهو حتمًا سيؤدّي بهم إلى المكان الذي أعده الله لعذاب الظالمين، إنه الخسران العظيم لمن نظّر وحرّض وغسل أدمغة هؤلاء الشبيبة ليخسروا الدنيا والآخرة.
وهؤلاء الداعمون هم الأشد خطرًا في زماننا هذا، فهم الذين عاثوا في أوطان العرب والمسلمين فسادًا بزرع فكر ملوّث عمدًا؛ ليطمس معالم هذا الدين السمح في نفوس ومخيلة بعض شباب المسلمين، بل وبعض كبارهم ممّن قلّ علمهم، وأسلموا أنفسهم لهؤلاء الداعمين، فقادوهم إلى الضلال، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعًا، وحينما يُتوصل إلى هؤلاء، ويُتعرف عليهم، وتنالهم العقوبة الرادعة فظنّي أن كثيرًا من هذا الشر سينحسر، أمّا المتعاطفون مع هؤلاء الضّالين، والذين لا يتورّعون عن إظهار تعاطفهم علنًا، فهم الذين تتصوّر هذه الفئة الضالة أنّهم يمنحونها شرعية، فها هم البعض يقبلون ما يفعلون حتى وإن كانوا قلة، فالجماعات المنحرفة المتطرّفة لها أسلوب في تعظيم القليل، سواء في المتعاطفين معهم، أو في أعدادهم، فهم الذين يحوّلون الأوهام عبر وسائلهم إلى ما يشبه الحقائق، ولو أنهم استخدموا براعتهم في الخير، بدل الشر لكانوا ممّن يُسعى إليهم ليخدموا الوطن بإخلاص، ولكن كل براعة لهم إنّما تخدم أسوأ الشرور.
والمملكة -كما جاء على لسان القائد الحكيم- هي المستمرة دومًا في محاربة هذا الفكر الرديء، الذي لا ينتج سوى الشر، منذ ظهوره في عصرنا هذا، وتواجه الإرهابيين مواجهة أمنية فعلية تنجح في تقليل ما يفعلون، لأن لأمنها خططًا اعترف بها العالم من حولنا في الوصول إليهم قبل أن ينفذوا عملياتهم، ويُقبض عليهم، ويُقدموا للمحاكم لينالوا العقوبة الرادعة في الغالب، ومَن ينفّذ منهم عمليته لا تتم ساعات إلاّ وهو في حوزة جهاز الأمن، يعترفون بما فعلوا، ويرشدون إلى الذين يشاركونهم الفكر والتخطيط، وأولئك الذين ينظّرون لهم، والذين يتعاطفون معهم، ويؤمّنون لهم المأوى.
وإنا لنرجو الله عز وجل أن يعين أجهزة أمننا لمتابعة هذه الجماعات الضّالة، والقضاء عليها؛ ليظل هذا الوطن ساحة أمن وأمان وسلام، كما أراد الله له أن يكون. فاللهم اخذلهم، وفرّق شملهم، وانصرنا عليهم.