خطبة الجمعة والاقتداء بخير الأنام

إن من يعتلي المنبر يوم الجمعة، يعتلي منبرًا سبقه إلى اعتلائه إمام رسل الله وخاتم أنبيائه سيدنا محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- وهو خير من يقتدي به المُتحدِّثون عن هذا الدين الحنيف، الذي هورسوله ونبيه عليه الصلاة والسلام، فمن خرج عن أركان خطبته ليوم الجمعة، التي تبدأ بحمدالله تعالى والثناء عليه بما هو له أهل سبحانه وتعالى، ثم الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم الوصية بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم الاستشهاد بآية من كتاب الله، ولا بأس أن يلحق بها حديث نبوي شريف، ثم أخيرًا الدعاء للمؤمنين، وهذه أركان خمسة لاشك أنها بصورة مبسطة، وهي كالصلاة يجب ألا تطول حتى يمل الناس، ولا تقصر حتى لا يصل إليهم منها نفعًا، فما هي إلا موعظة حسنة، وقد علم أن الرسول كان يتخول أصحابه بالموعظة خشية إملالهم، فلا يصح أن يحبس الناس أحد من الأئمة ليسمعوا خطبته ساعة فأكثر، فيتأذى الشيخ الكبير من طول الجلوس، ويداهمه النعاس، ولا يجب أن يشتد الخطيب على الناس فإذا به يؤنبهم على ما يدعيه من إهمالهم الدين أوالعبادات كما يدعي، ولا يذمهم لظنه أنهم يرتكبون المعاصي، ولا أن يكفر معينًا منهم من فوق المنبر فيثير بينهم الفتنة، ولا أن يحرم عليهم ما لم يحرمه الله، حتى وإن كان رأيه فيه أنه أقرب إلى الحرام، كما يزعم البعض، كما لا يجب أن يلعن من أهل القبلة أحدًا أويكفرهم، فهذا مما يثير الفتن بينهم، ويحرض بعضهم على بعض، خاصة في هذا الزمان الذي أحاطت بالمسلمين الفتن كقطع الليل تترى، وهم يدفعون عنهم الأذى ما استطاعوا، وقد كثر هذا في الآونة الأخيرة، سمعنا كثيرًا من هذا اللون من التضليل والتفسيق بل والتكفير أحيانًا، مما أصبح للبعض عادة حتى أنه لا يحسن وعظًا غيره، وكأنه يعمد لإثارة الفتنة، وقد يكون حسن النية في النهي عما يراه ضلالًا أوفسقًا أوبدعة، لكنه لا ينظر إلى ما وراء ذلك من الفتن، مع أن الدعوة إلى الخير وإلى محاسن هذا الدين كافية لو أنه أحسن دعوة الناس إليه لصرفهم عن كل شر، فالمهم إنما هو هداية الناس، لا أن يحكم عليهم بضلال أوبدعة أوكفر، فإخراجهم من الملة يحسنه كل أحد، ولكن استبقاءهم على الإسلام لا يحسنه إلا العلماء الأتقياء، وفقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى.


<div class=”note nomarginbottom”>
<div class=”typo-icon”>
<ul class=”bullet-7 nomarginbottom”>
<li style=”text-align: justify;”>ص.ب 35485 جدة 21488</li>
<li style=”text-align: justify;”>فاكس: 6407043</li>
<li style=”text-align: justify;”>إيميل: [email protected]</li>
</ul>
</div>
</div>

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: