البيان الذي حمل عنوانًا هو حول موجة الإلحاد في بلاد الحرمين، والذي وقعه مائة وخمسة ممن يدعون الانتساب إلى العلم، والذين تعودوا بين الفينة والأخرى إصدار مثله في كثير من القضايا، هي من اختصاص من هم أعلم منهم، أو من جهات رسمية تعنى بالشأن الديني، وهي في بلادنا متعددة، فهناك وزارة للشؤون الإسلامية والأوقاف، ولها مهام متعددة، تشرف من خلالها على كثير من الأنشطة الدينية المباشرة وغير المباشرة، المساجد والجوامع وما يجري فيها في عهدتها، ولها في الدعوة والإرشاد مهمة تقوم بها ولا تقصر فيها، ولدينا مؤسسة للإفتاء لها باع في البحوث العلمية في كل القضايا المتعلقة بالدين، وتتبعها هيئة كبار العلماء منوط بها الإفتاء في القضايا العامة التي تهم الأمة وتتخذ فيها القرارات، وهم المسؤولون المباشرون عن مثل ما يصدر فيه هؤلاء بياناتهم الغريبة العجيبة، مما يعد منهم افتئاتا على مهامهم المكلفين بها نظاما، ولنا هيئة أمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بمهمة الحسبة، ولا تترك لمن شاء أن يقوم بها أحسن أم أساء، ومؤسسة القضاء هيئة هي في الواقع جهة دينية أخرى مهمة، تفصل في الأحكام، ومعها هيئة تحقيق وادعاء عام منوط بها الفصل في مثل هذه القضايا.
وكان عليهم عوضًا عن إثارة الضجيج بأمر يتوهمونه أن يتجهوا إليها بما وثقوه من ألوان الإلحاد المزعوم ويقدموا عليه البينات أمام القضاء إن كانوا صادقين، ثم ينتظرون صدور الأحكام، فنحن في هذا الوطن لسنا في حاجة إلى من ينصب نفسه وصيا على الدين والدنيا مزاحمًا لحكومة هذه البلاد المباركة التي تقوم بصيانة الدين وحراسة الدنيا، والتي تطبق الأحكام الشرعية في هذه البلاد، ولا أحد يستطيع أن يزايد عليها في هذا الباب كائنا من كان، وقد عددت لحماية الدين كل هذه الجهات التي ذكرت فما حدث من هؤلاء لم يزد عن أن يكون تشويها لصورة بلادنا وأهلها أمام العالم بدعوى أنها محضن للإلحاد والزنادقة كما زعم بيانهم، الذي امتلأ بالمغالطات، حيث يستشهدون فيه بآيات نزلت في المنافقين، الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام، وصمًا لهذا المجتمع بهذا النفاق، الذي أبعده الله عنه، منذ آمن الناس فيه بالرسالة الخالدة التي جاء بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشنعوا من خلاله على المجتمع والدولة بحوادث فردية قليلة نادرة وقعت في أخطاء فادحة، من مثل ما وقع في كل عصر وأوان في المجتمع المسلم ولم يحكم أحد عليه بانتشار إلحاد فيه، رغم أن أصحاب هذه الأخطاء تراجعوا عنها وتابوا، وبعضهم في عهدة الأمن والقضاء، ولا حاجة لمزايدة علينا في هذا الأمر، فلا حقيقة لهذا الزعم الذي استنكره جل أبناء هذا الوطن الطيبين الذين هم بحمد الله مؤمنون ثابتون على إيمانهم، ملتزمون بدينهم، ومن الخطأ الفادح أن يتعمد أحد وصم مجتمعهم بأنه ينتشر فيه الإلحاد، ويتهمهم بالصمت عليه حكومة وشعبا كما فعل هؤلاء، ولهم أعني أبناء الوطن الحق أن يقدموا للقضاء طلبا بمحاكمتهم بما أساءوا إلى البلاد والعباد، فالناس قد ملوا وصاية من لا يحق له التدخل في شؤونهم، وفرض رأيه وتوجهه عليهم، كما قد ملوا حديث الاتهامات التي تلقى جزافا وتصيب الأبرياء، ألا يعلم هؤلاء أن من قال: هلك الناس فهو أهلكهم، كما جاء في الحديث الصحيح، بمعنى أنه الأشد منهم هلاكا، أو أنه أهلكهم فعلا بما أثار بينهم من فتنة، ألم يعلموا أن ربنا يقول (وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتهم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون) اللهم ألهمنا الصواب فلا ننطق إلا بحق ولا نسعى إلا إلى حق ننهض بأمتنا ما استطعنا، ذاك ما نرجو والله ولي التوفيق.
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …
رائع يا شيخ عبدالله أصبحت عين الحقيقة ….. أي شيء لا يوافق هواهم هو في رأيهم إلحاد وزندقه وبالمناسبة حتى لو كان هذا الرأي احيانا مستندا على ادلة شرعية من الكتاب والسنة …….. لا بد من مقاضاتهم ومحاسبتهم حتى يرتدعوا … كفانا تشويها للمجتمع وكفانا كبتا للحرية الفكرية