أحزنني خبر وفاة شاعرنا واديبنا القامة الكبيرة، والعالم باللغة العربية، والذي فقدناه البارحة في مجلس حبيبنا الاستاذ محمد سعيد طيب، والذي ارتاد مجلسه دائما، وان كنت لم احضره البارحة، ولم اعلم عن تكريم للشاعر الوزير والسفير عبدالعزيز خوجة، وشاعرنا الفقيد رحمه الله كان من اجزل شعرائنا لفظا واكثرهم دراية باوزان الشعر، بحث عن النوتة الشعرية، وبحث عن التقطيع العروضي الحرفي للمعلقات العشر وله موجز في علم النحو كان مرجعاً لطالبات قسم اللغة العربية في المستوى الثالث في الجامعة، وله هذا الكتاب الضخم الذي تناول فيه كل ابواب النحو باسلوب مبتكر بحوار بين فتى وشيخه، وقد اثار اعجاب الادباء حين صدوره، رحم الله شاعرنا المكي فقد كان انتاجه الشعري غزيرا ظهر في دواوين سبعة، ويصنف بانه شاعر رومانسي، تدل لذلك قصائده في الغزل وهو الذي عمل في مجال التعليم العمر كله، وتلاميذه لا حصر لهم من علية القوم ومن عامتهم، قال عنه اديبنا الراحل عبدالله الجفري (ومازال يترنم حتى ولو جاءت الحانه الشعرية حزينة، لكن الجوهرجي يبقى شاعرا من صفوف شعراء هذا العصر الذين وصفهم «بازوليني» بانه من الذين يعيشون داخل الحقد المتنامي في عصرنا دون ان يتعفنوا، وداخل النار دون ان يحترقوا).
لقد امضى شاعرنا الاديب محمد اسماعيل جوهرجي نقياً يتمتع باخلاق فاضلة وسلوك طيب، يجعل من اصدقائه خير من في ساحة الثقافة، يتطلعون دوما للقائه والاستماع اليه.
ومرة اخرى يقول عنه الصديق الوفي اديبنا الكبير الراحل عبدالله جفري (والجوهرجي شاعر حجازي استشعر ذاته على ارض الحجاز وكأن قصائده تطوف بنا بحثا عن البطاح التي تغني فوقها ابن ابي ربيعة وفوق رمالها الشريف الرضي، وحدّق فيها الاصوص المديني والشعر الحجازي كما قال عميد الادب العربي دكتور طه حسين ينقسم الى قسمين، قسم كله واقع وتحقيق واخر كله امل وتخييل).
وكم لشاعرنا من آل عظام، عله حقق بعضها في عمره الذي انقضى بقدر من ربه، ونرجو له لقاء مع ربه كله رضا عنه لينتقل من حياتنا التي فيها الكثير من الشقاء الى حياة اكثر امنا وسعادة، رحمه الله رحمة واسعة واسكنه باذن الله اعلى الجنان فقد كان نعم الاخ الذي ما لقيته الا وسعدت بلقائه.