زمن الجهل بالإسلام رغم وفرة مصادره

الطفرة الملاحظة في زماننا هذا أن لدى الجميع رغبة في الحديث عن أحكام الدين باستمرار، من علمها ومن لم يعلمها، بل إن من لم يعلمها أشد رغبة في الحديث عن الدين بما يشبه الفتوى ويجزم بها، ولو أنه راجع نفسه وحدثها: هل هو ممن اطلع على هذه الأحكام في مصادرها، أو أخذ العلم فيها عن أهله من العلماء المشهود لهم فيها بالعلم والصلاح، لأخبرته نفسه الأمارة بالسوء أنه لم يطلع ولم يأخذ العلم بها عن أهله، بل لم يقرأ الدين في مصادره الأساسية القرآن والسنة، وعلم الاجتماع، والقياس، ولم يطلع على أي علم شرعي قط ولم يطلبه على يد العالمين به، فما أبعده عن ذلك وأبعده عن الاطلاع عليها، وإنما يختطف الخطفة في كتاب لا يعلم صحة ما فيه، بل إنه لا يعلم عن من نقل، بل وماذا يريد بما نقل، فما بالك بمن تصفح كتب المستشرقين المعادين للإسلام، ونقل كل ما عابوا به الإسلام وانتقصوه، فجعله علمه الذي يرجع إليه، ويناقش به ما ثبت عن الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وكم رأينا في كتب من ناقشوا السنة وليسوا من أهل العلم بها فوجدنا جل ما أعتمدوه أقوال أولئك المستشرقين وأخذوه على أنه الحقائق التي يحاكم بها علماء السنة الأفذاذ، الذين اعترف بفضلهم من علماء الغرب الكثيرون، وردوا على نظرائهم الغربيين الذين جهلوا السنة وعلومها وهم كثر، ولكن الغريب أن أهل زماننا من جهلة القوم لا علم لهم سوى علم من أساءوا الى الرسول –صلى الله عليه وسلم- وعلماء المسلمين، بل ومصادر الإسلام الرئيسة: القرآن والسنة والاجماع والقياس بجهل ودون علم فأتخذها مصادر لنقد علوم الإسلام وكل مصادره، ثم جاء بعدهم من جهلوا حتى علم هؤلاء، وماهو بعلم بقدر ما هو جهل يعلمه كل عاقل، فأخذ يجتهد لنفسه علمًا لم ينزل الله به من سلطان، وأخذ يذهب للقنوات الأجنبية الناطقة بالعربية ويقدم من خلالها جهله لمن لا يعلم عن الإسلام شيئًا، فيضر نفسه ويضر غيره، ويبقى الإسلام نقيًا بعيدًا عن كل ما يهذي به هؤلاء، ويستمر أهله في الاستفادة من علومه، ويسقط هؤلاء على الطريق حتى لا يبقى لهم أثر إلا على أمثالهم، أما المسلمون فبعيدون عن هذا الهذيان، الذي أصبحنا نسمعه عن السنة الكثيرين ممن لا علم لهم بعلوم الدين أصلا، ويتتبعون من شذوا فكرًا ولا علم لهم بعلوم الدين، ويرددون ما يقولون دون أن يعلموا صحة هذا أو خطأه، ودومًا الجهل يمحوه العلم، والعلم والحمد لله منتشر في ديار الإسلام له علماء أفذاذ لا يجاريهم في علمهم هؤلاء أبدًا، فيضيعون ويضيعون معهم من أتبعهم.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: