قضى الله قدراً أن يمر ببلاد العرب زمن يطمع فيها من العالم خلق كثيرون، ونفذت لمخططه أيدٍ عربية، وهي تظن أنها تصنع لها مستقبلاً حراً كريماً. فقد ثارت شعوب عربية، تطلب تغيير حكامها وأنظمتها بأساليب همجية أتت على كل مستقر في الوطن، فإذا هو حطام، يتقاتل عليه أهله في كل أقاليمه، ويرفعون شعارات حتى اللحظة لم يتحقق منها للأوطان شيء في كل تلك الأقاليم، وما هي سوى أوهام فقط، والمتحقق الوحيد ما وعد به الغرب وأسماه الفوضى الخلاقة، ولأن الفوضى لا تخلق سوى الدمار، رأينا أقطاراً عربية اليوم يتعثر مواطنوها عبر هذا العالم، لا يجدون من يحميهم، وهم ينتقلون من بلد إلى آخر يهانون ويعانون، هكذا أريد لأمة العرب والمسلمين أن تدمر أوطانها بأيدي أهلها، ولا يزال بعضهم إلى اليوم يردد ثورات الربيع العربي، والثورات المضادة، وما علموا أنه في غرف مظلمة أعدت لهم من الخطط ما قد يكون فيه القضاء على أوطانهم، ولتبقى بعد ذلك محاضن للإرهاب يتجدد كلما رفع سكانها رأساً أطلق عليه من القتلة ما لا يتصورون، ولم يكتف من خططوا لذلك، فبحثوا بين العرب والمسلمين من مرضى النفوس من يعينهم على تحقيق غاياتهم القذرة، فأغروه أن يخطط لإسقاط دول شقيقة لدولته أو تعتقد عقيدتها ليكون هو الأعظم والأبرز ولم يدر أنه أداة إذا حققت لهم ما يريدون قضوا عليها سريعاً، وكل ذلك ليقضوا على ثقافة أمة رفعتها بين الأمم قروناً، حتى سادت العالم، ونرى أن هذا الأمر في تزايد، وما حدث لسوريا مثال يؤلم كل عربي ومسلم، وهؤلاء المتكالبون عليها بجيوشهم لا يريدون لها عودة، لا لسيرتها الأولى ولا لعهد جديد ينتفي فيه الظلم على مواطنيها، فما هذه غايتهم، ولا هي ما يرجون لها ولمثلها، بل يرجون أن تكون عبرة لكل من يرفع رأساً اعتزازاً بوطن له هوية، وتاريخ وثقافة مثلى. وحتى يوم الناس هذا لم نجد من هذه الأمة اجتماعاً على كلمة سواء لبناء أمة قادرة على رد العدوان عنها، وتحقيق مستقبل باهر لها، ولديها في دولها ما يساعدها على ذلك لو أرادت، فهل تستيقظ من غفوتها التي طالت وتسترد عافيتها وترد عنها العدوان مجتمعة لا متفرقة؟، أدعو الله أن يتحقق هذا قبل أن أموت.