لجان وزارة الصحة دومًا تزعم أن علاج الأمراض متوفر بالداخل، رغم أنها تعلم أنه لا يمكن أن يكون بتلك الجودة التي تمارس بالخارج
ظلت صحة المواطن هاجسه الذي لا يهدأ, فهو دائمًا مشغول بها, فالعلاج الطبي في زماننا لا يحتمل أثمانه المرتقبة إلا الأثرياء, وغالب الناس من ذوي الدخول المحدودة من الموظفين والحرفيين أو ما نسميهم المتسببين هؤلاء حينما يصابون بالمرض يصيبهم الرعب, فإذا الواحد منهم توجه إلى مستشفيات وزارة الصحة وحدها تعاني نقصًا من الأطباء وطواقم التمريض والفنيين, وعدد أسرّتها لا يواجه الأعداد المتزايدة من المرضى, وكم من مريض يموت وهو ينتظر أن يفرغ له سرير يتمرض عليه, ولا أحد يحفل بهذا أبدًا, والأدوية فيها النقص دومًا, والمباني جلها متهالكة وبناء مستشفى جديد يستمر سنوات ويكتشف أنه لا يزيد في المعروض من الأسرة سوى ثلاثمائة سرير, وبقرب سكني مستشفى استمر بناؤه ثماني سنوات ولما تم البناء لم يفتتح حتى الآن, بعد شهور من إتمام البناء, أما الأخطاء الطبية فأعدادها في ارتفاع مستمر, أما المراكز الصحية فيمكنك أن تطلق عليها من الأسماء ما تشاء إلا أنها أمكنة يتردد عليها المرضى طلبًا للدواء والشفاء.. أما في مدن الأطراف كجازان مثلًا أو القرى فتحدث ولا حرج, وكلما تصاعد النقد لوزارة الصحة كلما زادت مشاكلها, وكنا يوم أن تولى الدكتور عبدالله الربيعة مهام هذه الوزارة ننظر بتفاؤل لمستقبل الصحة في بلادنا, فقد عرفناه نشيطًا عاملًا, ولكن مضت السنوات فإذا وزارة الصحة التي نعرفها لا تزال ترسف في قصورها.
إن المواطن الذي يلجئه المرض لمراجعة مستشفيات وزارة الصحة ومراكزها فلا يجد فيها ما يطلب, ولا يبقى أمامه إلا أحد طريقين: إما أن يستجدي العلاج وهو حق له عبر عدد من المسؤولين ليحولوه إلى مستشفيات حكومية في جهات أخرى أو أن يلجأ إلى المستشفيات الخاصة لتأخذ منه كل ما ادخره من أجل أن يشفى من مرض ليس بالخطير, أما إذا أصيب المواطن بمرض من الأمراض المستعصية أو التي تحتاج إلى علاج طويل فعليه أن يظل صامدًا متنقلًا بين مستشفيات وزارة الصحة, والمستشفيات الأخرى فإذا نضب ما بيده من المال صرخ يطلب العون من كل جهة يأمل في أن تحل مشكلته أما تلك الحالات التي لا تجد لها علاجًا في الداخل, أو إن وجدته لم يكن على المستوى الذي يسعف المريض بالشفاء, فلجان وزارة الصحة دومًا تزعم أن علاج الأمراض متوفر بالداخل, رغم أنها تعلم أنه لا يمكن أن يكون بتلك الجودة التي تمارس في الخارج, والحقيقة التي لا يجب أن تغيب عن البال, أن العلاج حق للمواطن بموجب النظام الأساس للدولة, ولا يجب أن يستجديه, والمرشح له لدخول مستشفى وحصوله على العلاج اللازم إنما هو مرضه فقط ولا شيء غير هذا.
ونحن اليوم نحتفي بأهم مناسباتنا الوطنية الغالية عيدنا الوطني الذي نتذكر فيه أهم مناسبة تاريخية غالية توحد فيها هذا الكيان الشامخ الذي ظلت دومًا كرامته من كرامة مواطنيه وعزه من عزهم. وعلى كل مسؤول أن يضع هذه الحقيقة نصب عينيه وأن يتصرف في ضوء هذا, فيكون ديدنه أبدًا أن يحرص على كرامة هذا المواطن وعزته مهما قل شأنه في نظره فإنما وجد على رأس عمله من أجله, فهل يفعلون؟.. هذا ما نرجو.. والله ولي التوفيق.