إذا كان توحيد الله عز وجل يعني إفراده بالعبادة, فلا يعبد سواه, فهذا يعني ببساطة وبداهة عقلية أن المؤمن بالله ورسله عرف يقيناً ألا سلطان عليه لأحد, لا من بشر ولا شجر ولا حجر ولا حيوان مفترس ولا ظواهر طبيعية كبرى يخافها,ولا من كل ما أتخذ الناس من آلهة سوى الله فالتوحيد يعني للمؤمن به أن يكون قوياً في مواجهة كل المواقف مهما اقتضت من جرأة وعظيم شجاعة, فالمؤمن بالله لا يخضع لمستبد مهما كانت قوته وما يملك من سلطان فهو بتوحيده الله فقد أخرج نفسه من ضيق الدنيا إلى رحابتها, من ظلم العباد إلى عدل الإله الواحد الجبار, الذي لا يخشى سواه منه يستمد العزة والكرامة ومنه يستمد العون على كل ظلم يواجهه في هذه الدنيا هو بايمانه بتوحيد الله الخالق الرازق المحيي المميت يعلم يقيناً ألا أحد يستطيع أن يضره أو يزهق روحه أو يعذب بدنه سوى من خلقه ودعاه إلى عبوديته وهو إن فعل رفع كل يد ظالمة, يقينه أنه لن يلقى أجله إلا عند نهاية عمره المقررة له قضاءً وقدراً ويعلم أن ما كتب له من رزق آتيه ولو اجتمع الأنس والجن أن يمنعوه عنه, لذا فالجرأة تواتيه أن يقول كلمة الحق دون أن يخشى فيها لومة لائم, فسجود في ظلمة الليل لرب السموات والأرض ومناجاة له عند السحر, وطاعة لله لا تخالطها معصية كل هذا من توابع التوحيد التي تملأ قلب الموحد جرأة في الحق ونوراً من الباطل وقدرة على مواجهة كل المواقف والمحن مهما أشتدت, ذاك أن العون آتيه حتماً بتوفيق من الله الذي وحده إلهاً معبوداً, الذي يلهمه الحكمة فلا يفعل شيئاً ولا يقول شيئاً إلا وفقها كما أرشده ربه وإليه هداه ,وهذه تجارب الصالحين نحياها وتتردد قصصها على أسماعنا من مصاردها الموثوقة وأولها واعظمها كتاب الله عز وجل ثم السنة النبوية ثم ماحكاه لنا التاريخ, فأنت إن آمنت بالله إلهاً واحداً ولا شريك له فقد ضمنت حرية لا يمكن لأحد أن ينازعك فيها, فهى طاقة بثها الإيمان فيك بها تكون لاشك ممن لا يرتضون سوى العزة والكرامة سبيلاً وفقك الله وهداك.