في إقبال شهر رمضان

إن غياب المحاسبة لمن يتهاون في عمله يساعد على المغالاة في الأسعار والتربح من سلع مقلدة ومغشوشة

نشر قبل أيام أن غلاء المعيشة في مجتمعنا قد ارتفع حتى بلغ 4%, وأسعار السلع ضرورية وكمالية كما يدرك الجميع في ارتفاع مستمر, حتى ولو زاد المعروض من السلع فأثمانها لا ينخفض أبداً, حتى أصبحنا نرى ارتفاعاً مستمراً سنة بعد أخرى, بل أحياناً شهراً بعد آخر, وأما المعالجة لهذا الوضع الخطير فلا نسمع عنه شيئاً وهذا الارتفاع المستمر في الأسعار أخذت الدخول بسببه تتآكل ولا تستطيع أن تسعف الحاصلين عليها خاصة من الموظفين الحكوميين وفي القطاع الخاص ومن نقول عنهم المتسببين ممن يمارسون أعمالاً حرة بسيطة لا يصل إليهم من خلالها إلا دخول ضئيلة, وكل هؤلاء يعيشون أزمة منذ سنوات, المعيشة تزداد غلاء والدخول ثابتة لا تتحرك, واقتصاديونا يتحدثون عن وضعنا الاقتصادي القوي حتى في الأوضاع العالمية التي تعاني من أزمات اقتصادية متوالية ورغم قوة هذا الاقتصاد إلا أن حماية المستهلك أبت أن يتمتع مواطنونا بالرخاء, الذي وهم فيه يستطيعون بدخولهم أن يوفر حاجاتهم الضرورية وبعض الكماليات, في زمن أصبح الحصول فيه على كل شيء هماً ثقيلاً على أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة, حتى أصبح شبابنا يبلغون الثلاثين من العمر ولم يتزوجوا لعدم استطاعتهم أن يجدوا ما يستطيعون به الزواج, بسبب الغلاء وهؤلاء هم من يحتاجون للرعاية والعناية, وفي إقبال الشهر الكريم رمضان, الذي كلنا في هذه البلاد نفرح بقدومه ولا شك, فهو سيد الشهور, الذي يتمتع المؤمن بروحانية عظيمة في لياليه وأيامه يجدد به العهد بطاعة الله, والمحافظة عليها, إلا أن من نتحدث عنهم يحملون منذ اليوم همَّ قدومه, فأسعار السلع كافة بدأت في الارتفاع منذ الآن, وكثير ممن يستوردنها يفرضون سعراً يرهق كاهل الكثير من مواطنينا بعد قلة ذات أيديهم بهذا الغلاء المستمر, وهذا الارتفاع الحلزوني للأسعار, حتى أصبحت الريالات في أيديهم تتفلت ولا تأتي لهم بما أرادوا من الضرورات, ووزارة تجارتنا العتيدة ليس لديها حل لهذه المشكلة, وحماية المستهلك فيها لم تحمه قط, بل لعلها لم تحمه من السلع الرديئة والمغشوشة المستوردة من دول اشتهرت بذلك, والتي يشتري منها كثير من مستوردونا السلع بأقل الأثمان ثم يبيعونها لمواطنينا بأضعاف أضعاف ما دفعوه فيها وما كلفهم في استحضارها للبلاد من نقل وتخزين وما أشبه هذا, وهذه سوقنا يغمرها من السلع المقلدة والمغشوشة الكثير, وإن المخلص لله ثم للوطن لتؤلمه هذه الأوضاع, ويتمنى لو استطاعت وزارة التجارة أن تتعامل مع هذا بما يحفظ لأبناء هذا الوطن ما يحميهم من كل هذا, وأن توفق جهات الاختصاص بأن يضعوا من الخطط ما يزيل عن مواطنينا خاصة منهم ذوي الدخول المحدودة, والذين يعانون هذه الأيام أشد المعاناة من هذه الأوضاع التي أصبحت تخنق بعضهم وتجعله يعيش معاناة دائمة, والخشية أن تزول الطبقة الوسطى كلها, وتصبح مثل هؤلاء المتدنية دخولهم, وتصبح الطبقة التي تعاني عريضة جداً, ونحن بإذن الله قادرون أن نحل هذه المشكلة حينما نقرر ضبط الأسعار ومحاسبة المتلاعبين بها بحزم, ومواجهة الغش والتجارة في السلع المقلدة, فإذا فعلنا ذلك أمكننا أن نرفع الدخول بيسر وسهولة, ولم نخش أن يرفع أحد أسعار ما يتاجر فيه من السلع لمجرد ارتفاع المرتبات مثلاً, ولا بد لنا أن نعرف أن غياب المحاسبة والعقوبة لمن يتهاون في عمله وما يوكل إليه من وظائف تساعد على المغالاة في الأسعار والتربح من سلع مقلدة ومغشوشة, وسيُشجع الباقين على هذه الممارسة الضارة جداً بالوطن وأهله, وليخش الله الجميع فإنهم إن لم يحاسبوا في الدنيا فالعقوبة تنتظرهم في الآخرة, فهل يعون هذا, هو ما نرجو, والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: