ظاهرة الجماعات الإسلامية، منذ ظهور أول جماعة ادعت نصرة الإسلام، وهي حرب على الإسلام، اعني فرقة الخوارج، الذين قاتلهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – بأمر من رسول الله، علموه وعقلوه، وسائر من لهم علم بهذا الدين الحنيف أنه لا يتعدد بمناهج يدعيها أفراده أو جماعاته، فهو ملة واحدة جاء بها من اصطفاه ربنا عز وجل نبياً ورسولاً محمد بن عبدالله، الذي بعثه ربه رحمة للعالمين، وكل من ادعى لنصوصها فهماً أو تطبيقاً لها على الواقع، إما أن يكون فهمه وتطبيقه صحيحاً وفقاً لما جاء في الكتاب والسنة ومضى عليه سلف الأمة وخلفها، أو أن يكون خاطئاً يعارض كل ذلك، ولا يقنع سواد هذه الأمة، التي جعلت الأمة الوسط، ودينها الوسط الذي يمتنع أن يكون فيه تطرف أو غلو، أما أن تدعي مجموعة من المسلمين أن منهجها وحدها هو الذي يمثل الإسلام وأن مخالفته كفر بالإسلام أو عداء له، كما نسمع من بعض هؤلاء الذين ما هو بين جماعتهم وهذا الدين، فرسخ في أذهانهم الكليلة أنهم هم الإسلام والإسلام هم، فما جاء الإسلام بتفريق المنتمين إليه إلى جماعات متعددة ذات مناهج يقاتل بعضها بعضاً، ويجادل بعضها بعضاً إن لم يتقاتلوا فكتاب ربنا أمرنا بالاعتصام بحبله، وأن نجتمع على كلمة سواء، فجاء في آخر الزمان خلف أرادوا للمسلمين التفرق ليمكنهم حينئذ أن يعبثوا كما شاءوا، فانشأوا هذه الجماعات ولا غاية لهم إلا أن تتفرق الأمة ليسودوا هم، فانما غايتهم التي لا غاية سواها أن يصلوا إلى سدة الحكم، وما أن وصلوا إليها إلا واختلفوا مع الجماعات الأخرى التي ساندتهم في مرحلة الترشيح والانتخابات لأنهم لم يريدوا أن يشاركوهم اقتسام الغنيمة، فلما أحس الناس بسوء ما كانوا يخططون له، فكل هذه الجماعات في سائر أقطار المسلمين بدأ ينحسر عنها التأييد من هؤلاء الذين خدعوا بها في البداية فتجربة ما يسمى الربيع العربي أبرزت خطر هذه الجماعات، وتعاونها على سلب الناس حقوقهم، والغريب أن عدوانهم على الناس يزعمون أنه باسم الإسلام، الذي هو برئ مما يزعمون، وكأن هذه المرحلة هي مرحلة اختفاء هذه الجماعات قسراً، لانكشافها أمام الجميع واتضاح غاياتها، وقد علموا الناس يقيناً أن دينهم لا يشرع إنشاء هذه الجماعات، ولا يشرع أن يبايعها أحد من المسلمين، ومن يدعي غير هذا فعليه اثبات ذلك وهيهات أن يفعل، وزمن الادعاء ولى بعد أن وضحت كل الحقائق في زمن كشفت هذه الجماعات عن عوارها، وعلم الناس حقيقيتها، ولن تقوم لها قائمة بعد الآن. وكم نود لمن دافعوا عن هذه الجماعات في بلادنا أن يكفوا عن ذلك حتى لا ينكشفوا كما انكشفت.فهل هم فاعلون؟