الضوابط في اللغة والمنطق معا: حكم كلي ينطبق على جزئياته المتعددة، وهو في كل شيء ما يضبط من المبادئ أو القواعد الشيء، فلا يقع إلا مستوفيا للشروط، والضابط عند الفقهاء ما يمكن به إحكام الشيء وإتقانه، حتى لا يختلط بغيره، وقد يختلط معنى الضابط بتعريف القاعدة والتي هي حكم كلي ينطبق على جميع جزئياته، إلا أن الضابط يحدد الوصف الذي يقع به الشيء، وكأنه الشرط له، فكأنه قيد على وقوعه، فلا يقع إلا إذا تحدد ضابطه، وقد يختلط عند البعض مرادفا للأصل والقانون والمسألة والضابط والمقصد، فهناك قيود لكل ما يقع من الأحكام عندهم يسمونه ضابطا، ولهذا فلابد من تحقق الضوابط ليقع الحكم صحيحا، فلكل أمر قاعدة أو ضابط ينطبق على جميع جزئياته إلا أن القاعدة تجمع فروعا من أبواب شتى، أما الضابط فهو يجمعها من باب واحد، فمثلا الترفيه ضابطه عندهم أن الأصل فيه الإباحة، فإن وقع منه شيء يخالف الإباحة فقد دخل نطاق الحرمة، فإذا كان الشرع قد حل اللباس بأن يستر العورة، فكل ألعاب الترفيه لا تكون مباحة إلا بستر هذه العورة عند الرجال، بأن يستر ما بين السرة إلى الركبة، والمرأة في حضور الرجال كلها عورة ما عدا الوجه والكفين، وعند البعض، وظاهر القدمين، فإذا كانت ألعاب الترفيه التي تزاولها تكشف منها أكثر من هذا، فهي تدخل حينئذ نطاق الحرمة، ولابد من مراعاة هذا عند اختيار ألوان من الترفيه تقوم بها المرأة بحضرة الرجال، والترفيه ولاشك مشروع إذا كان نشاطا يدخل السرور على الناس سواء قام به الفرد أو المجموع لإدخال السرور على الناس، وتوفير شيء من الراحة عليهم ولتجديد نشاطهم بعده، ولكنه ليكون مشروعاً لابد أن يكون مباحاً، فكل نشاط حرّمه الشرع لا يمكن اعتباره ترفيهاً مشروعاً، فمثلاً الرقص الذي تُكشف فيه العورات لا يمكن اعتباره ترفيها مشروعاً، كما لا يمكن اعتبار الغناء ترفيهاً مشروعاً وفي عباراته وألفاظه ما يثير الغرائز أو الشهوات، فالضابط الشرعي هنا هو كون هذا النشاط مشروعاً، وما لم يكن مباحاً وتعتريه الحرمة فليس مشروعاً، ويمنع لحرمته، وكل نشاط إنساني يقصد به الترفيه عن المسلم لابد وأن يكون مباحاً ليكون مشروعاً، فقد تختلف الأمم في ألوان الترفيه، فمنها ما يرى كل شيء يمكن أن يكون ترفيهاً ما أدخل السرور على مشاهديه، ولكن المسلمين لا يرون السرور الذي يدخل عبر مشاهدات للعورات وحركات تُثير الشهوة مباحاً أبداً، فهذا ضابط الترفيه عندهم.
Check Also
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …