كانت التوقعات أو التنبؤات لا تشغل فكر الناس أبداً، فهم إنما ينظرون إليها على أنها عمل أولئك الذين يدرسون النجوم وتأثيرها في حياة الإنسان، فرداً أو جماعة، وهي تنبؤات لا يمكن أن تحدث أبداً، إلا نادراً، في حياة الإنسان، حيث إنها تنبؤات لا يمكن لأحدٍ من البشر أن يهتم لها، سواء أكانت توقعاً لحدث قد يقع، أو نبوءة عن حدث قد يقع في حياته أو حياة مجتمعه، ولم يعد يهتم بها أحد أبداً، وينشغل بها، إلا ممن يرتبطون بالكواكب والأفلاك، فينشرونها في الصحف لإشغال الفارغين بها، الذين ينتظرون أن يقرأوا فيها ما يملأهم بالطمأنينة، وهم يعلمون بزيفها، وقد اهتمت الصحف في العالم بنشر تنبؤات لمن يُولدون في برج كذا وكذا، وهم على يقين أن ذلك لن يقع، ولكن كثيرين يقرأونها دون وعي، فقد اعتادوا قراءتها منذ أن قرأوا الصحف، والحمد لله أن سَلِمَت منها صحفنا، فلم تظهر فيها قط، ولم يعد أحد في هذا العالم يهتم بها؛ إلا هؤلاء الذين يكتبون في الصحف عما يتنبأون به للمولودين في الأبراج من توقعات.
وفي بعض البلدان العربية إذا سألت مَن يُتابعها، علَّل ذلك بالتسلية، بمعنى أنه لا يؤمن بما يتنبَّأون به له، وأكثر متابعيها اليوم النساء، وهي مما يتسلى به فارغو الرؤوس فقط، فلا أحد في هذا الكون يؤمن بأن أحداث حياته مرتبطة بالبرج الذي وُلد فيه، وأن أحداثها مرتبطة به، تقع بحسب تحرّكه، مع أنه يعلم أن هذه الأبراج أصبحت لها كتبٌ كثيرة، مما يوصف أن حظه لحركتها يتغير من كتابٍ لآخر، حسب مَن كتبه ونوع أفكاره، وهكذا، فالحياة فيها مما يبتعد عن العلم كثيراً، ويميل إلى الخرافات، يهتم له الناس أكثر من اهتمامهم للعلم.
وتجد في هذا الزمان أن كثيراً من القنوات الفضائية مهتمة بعلم الأبراج، ومن يؤول ارتباط الإنسان بها، بل البشر والعالم كله، وقد وجدنا نجوماً من الفلكيين يظهرون على الشاشات في بداية كل عام، يُبشِّرون بنبوءات أكثرها لا يحدث، ومع ذلك تُكرِّر تلك القنوات استضافتها لهم، رغم اكتشافها أن ما يقولون كله كذب، لا حقيقة له.