إن كل جماعة متطرفة إدعت يوماً أنها تدعو للدين وتحرص على أن يؤمن الناس به، فلا تجد بزعمها وسيلة للاقناع بما تدعو إليه إلا العنف، هي جماعة إنما تبحث لنفسها عن مكانة لا تصلها قط بالدعوة والاقناع فقط، فالطامحون في أن يكونوا حكاماً يتحكموا في مصائر الناس ، دون أن يكونوا مؤهلين لذلك تزدحم بهم مجتمعات المسلمين اليوم، ولا وسيلة للوصول الى مبتغاهم الاّ الادعاء أنهم يريدون نصرة الدين، وهذه دعوى الخوارج قديماً وعلى طريقها تسير كل الجماعات المتطرفة في شتى أرجاء أوطان المسلمين اليوم يوم أن ظهرت دعاوى التأسلم التي قسمت مجتمعاتنا المسلمة الى اسلاميين ناجون حكموا لأنفسهم بالجنة، وسواهم من سواد الأمة ليسوا كذلك . هم إما كارهون للاسلام أو مخالفون لأحكامه، وهم مع الفرق التي حكم لها بأنها في النار، ثم أحييوا شعار الخوارج ألا حكم إلا لله، كلمة التي أريد بها الباطل فرفعوا شعاراً أكبر أسموه الحاكمية وجعلوه ركنا من اركان الايمان أبتدعه لهم زعيم جماعة منهم وتابعه عليه آخرون وبهذا توصلوا الى أن الامة كلها قد ارتدت ما عداهم فجمعوا حكامها الى محكوميهم وأعلنوا قتالاً لهم لن ينتهي حتى يتحكموا في رقاب الجميع، ولا خلاص لنا اليوم الا باعلان حرب لا هوادة فيها حتى نردهم على اعقابهم وننجو بمجتمعاتنا من هذه الجرائم البشعة التي ذهب ضحيتها أبرياء مجتمعات كثيرة.
وهذه الحرب الثلاثية اهمها ان نقضي على ثقافة الغلو التي انتجت هذه الجماعات ونبحث عن جذورها في ثقافتنا الاسلامية لنبين للناس بطلانها حتى لا يغر بها شبابنا خاصة المراهقين منهم وعامة الناس ممن لا نصيب لهم من علم الدين الا القدر الضئيل فهذه الثقافة خطرها عظيم فهي التي نشرت في اقطارنا جماعات كثيرة تتعدد اسماؤها وتتفق مذاهبها وأفعالهم، وثانيها ان نبحث عن مصادر التمويل لنستطيع قطع الطريق عليها فلا تصل لهؤلاء المجرمين فهذه الجماعات بلا تمويل تضعف ضعفاً شديداً ويمكننا حينئذ القضاء عليها وان نبحث عن كل تجارة أشتهر بها دعاتها ومؤيدوها ونضيق عليها حتى نعرف اين تذهب أرباحها، ولهؤلاء ألوان من التجارة يمارسونها تعود عليهم بأموال طائلة تمول عمليات المقاتلين منهم حتى انهم لا يتورعون عن التجارات القذرة مثل ترويج المخدرات وزراعتها أو غسل أموالها ثم ان نبحث عن المروجين للفكر الخارجي هذا ورموزه مهما حاولوا الاختفاء لننزل بهم اشد العقوبات لنجعلهم عبرة لغيرهم، فالمنظرون الذين يسيطرون على عقول الشباب والمراهقين وعامة من لا يملكون علماً وديناً يحصنهم ضد هذه الافكار، فهؤلاء هم الاخطر في منظومة هذا الارهاب البشع الذي أخذ ينتشر في أقطار كثيرة ويجد عوناً من مخابرات عالمية لا تريد للمسلمين ان ينهضوا من كبوتهم، وكلما أحسوا ببوادر نهضة بحثوا عما يوقفها وخططوا لذلك منذ أمد بعيد، ويجب ان ننفض الغبار عنا ونواجه العدو داخلياً وخارجياً.
وثالث هذه الحرب حربنا الأمنية لكشف وسائل التجنيد لهذه الجماعات وتتبعها للقضاء عليها قضاء مبرماً وعلى مؤسساتنا الامنية ان توفر المعلومات اللازمة لمن يقومون بالمواجهة من رجال الأمن الذين يجب ان ندربهم على حرب العصابات فهؤلاء ليسوا جيوشاً نظامية يمكن مواجهتها عبر جيوش نظامية حتى ولو اضطررنا لإنشاء قوات خاصة لمواجهة هذه الجماعات التي اصبحت أشد خطراً علينا من اعدائنا التقليدين والذين هم اليوم يستخدمونهم نيابة عنهم.
فاذا استمر هذا العبث الذي تقوم به هذه الجماعات دون مواجهة فعالة فاننا سنضيع أوطاننا وسنظلم مواطنينا، فلابد لنا من مواجهة تشترك فيها جماعة علماء ومثقفين ورجال أمن ودفاع حتى نحمي أوطاننا من هذه الجرائم البشعة المتوالية فهل نفعل هو ما نرجو والله ولي التوفيق.