ألقاب مجانية!!

لا يشك أحد أن لقب الخبير في أي شأن من الشؤون لا يطلق إلا على من علم بهذا الشأن علمًا متبحرًا فيه، دقيقًا لكل جوانبه والعوامل المؤثرة فيه، والذي عمل فيما خص هذا الشأن زمنًا طويلًا أكسبه المعرفة به والخبرة فيه، بحيث يمكن الاعتماد على قوله اذا تحدث عنه، اما من كتب في هذا الشأن مقالًا او مقالين، لم يعتمد فيهما على معلومات صحيحة وحقيقية فلا يمكن اعتباره خبيرًا فيه، كما لا يمكن اعتبار شاب التحق بجماعة متطرفة أشهرًا لم يكن قريبًا من قادتها المسيطرة عليها وعلى النافذين فيها، ولم يكلف فيها بمهام أبدًا خبيرًا في كل الجماعات المتطرفة الموجودة على الساحة، فما بالك بمن عمل مخبرًا صحفيًا في باكستان أثناء ما دعي زورًا بالجهاد في افغانستان بعض الوقت، فاذا به يقدم على انه الخبير في شؤون الإرهاب، وكذا لا يمكن أحد أن يطلق على صغار العسكريين ممن خدموا في سلك وزارة الدفاع أو الداخلية ثم أعفوا من وظائفهم خبراء أمنيين أو «استشاريين أمنيين»، وكذا ما يتردد أخيرًا من إضافة إستراتيجي لهذه الألقاب فهذا خبير إستراتيجي في الجماعات المتطرفة، أو في التحليل الاقتصادي أو السياسي أو الأمني، وتتنوع الألقاب وتمنح لشباب في مقتبل العمر، سنين أعمارهم توحي بأنها لم تتح لهم بعد أن يكونوا في هذه الدنيا شيئًا مذكورًا، وتتبارى بعض صحفنا المحلية في إطلاقها عليهم، وقد لا يعلم من أطلقها عليهم من المخبرين الصحفيين الذين لم يتمرسوا بعد في هذا اللون من العمل الصحفي ولم يعرفوا بعد مقوماته، أو هؤلاء الذين استعانت بهم الصحف من خارجها ليكونوا محررين لبعض المواد المزمع نشرها، وتأتي الاختيارات لمن يوجهون إليهم أسئلة عبثية، لا تعتمد على معرفة بهم حقيقية ولا اطلاع على تخصصاتهم العلمية أو العملية، فإذا هذه الاختيارات تخدعنا فتقدم إلينا من خلت أذهانهم عما يسألون عنه، فكانت إجاباتهم عجبًا، وإن لم يكتشفهم أحد من الداخل، ففي الخارج يسخرون منا بسبب ذلك، ونحن ماضون، لا نحاول أبدًا الارتقاء بعملنا الصحفي حتى ننافس به لا أقول صحف العالم كله، بل صحف دول مثلنا مثل الدول العربية والاسلامية، وتقديم المجهولين بألقاب معظمة مفخمة ضار بالمجتمع، فقد يعتقد الناس في أن أقوالهم أقوال خبراء ومستشارين ومحللين ذوي علم وخبرة، وهم في واقع الأمر لا يعلمون من معاني هذه الألفاظ إلا ما تتداوله صحفنا فقط، فتضيع الحقائق ويكثر الزيف مما يؤدي حتمًا إلى تدني الفكر في المجتمع، فهل ندرك ذلك هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: