المصطلحات الخادعة

لم تضر الأمة المسلمة بمثل ما أضرت به من فعل فئة مجرمة كنا نسميها في ماضي أمتنا بفئة الخوارج الباغية، وسماها العالم في حاضرنا جماعات الإرهاب المتطرفة، وهي ماضيًا وحاضرًا تنسب نفسها إلى خير دين أنزله الله على إمام رسله وخاتم أنبيائه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأشد أعدائه من زعم أنه يؤمن به وأنه من أهله وهو يخالف جل أحكامه عن تعمد وسبق إصرار، ويسعى دوما لتشويه صورة الدين وأهله بما يقوم به وينسبه إليه، فهؤلاء الخوارج البغاة لاغاية لهم إلا هذا، ولا يسعون إلى شيء سواه إلا ما كان من تحصيل شهوات أنفسهم الآثمة وإدراك ما سولت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء، فهذه الفئة أثرها سيىء للغاية على الإسلام والمسلمين، ومن يعاونها لتحقيق مبتغاها هو مثلها وله حكمها، ويجب أن ينال نفس عقوبتها.
ومع ظهور هذه الفئة المجرمة، وقف جل المسلمين منها الموقف الحازم فرفضوها وقاطعوها، فهي العدو الذي يجب القضاء عليه ليتفرغ المسلمون لدينهم ودنياهم، ولكن ظهرت فئة قليلة تصمت عما تفعل هذه الفئة ولا تستنكره، بل وأحيانًا تمد لها يد العون عن طريق التخذيل عنها بتبريرات متعددة، فمرة هم لهم غيرة إسلامية على ما يحدث لإخوانهم المسلمين في العالم من مظالم، ولكنهم أخطأوا الأسلوب، ومرة هم جهاديون، مع أن الجهاد مصطلح ديني رفيع القدر، فهو مسمى لفريضة في الإسلام هي ذرورة سنامه كما جاء في الحديث، وما يقوم به هؤلاء جرائم قذرة لا يأتيها من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة، فهي في عرف العصر جرائم ضد الإنسانية وهي على درجة من القبح بالغة، يستحلون إزهاق الأرواح ويستبيحون الدماء والأعراض والأموال، هم أعلى المجرمين قبحًا في هذا العالم، ونجد من يصفهم بالمجاهدين أو الجهاديين من كتاب وصحفيين، بل ودعاة ومنتسبين إلى العلم الشرعي، ولو أنهم وصفوهم بما يستحقون لما وجد من يتعاطف معهم، ولكن إضفاء مثل هذه الألقاب أو المصطلحات عليهم قاد إليهم الجهلة وصغار السن، فهذا يصفهم بالجهاديين وذاك يتحدث عنهم بأنهم شباب متحمس لدينه أخطأوا الطريق، وهذا يتحدث عنهم أنهم حسنو النية وإن وقعوا في المحظور، وكلها كلمات خادعة تقلل من خطورة ما يفعلون، وتصرف الناس عن التصدي لهم، والكف عن مثل هذا واجب ديني ووطني، بل ويجب أن يحاسب من لا يكف عنه أشد الحساب.
إن مقاومة هذا الداء لن يتم إلا بالقضاء عليه قضاء مبرمًا، ولن يتأتى هذا القضاء إلا بالقضاء على جذور الثقافة التي أسكنته في رؤوس أصحابه والبحث عنها في الكتب وفي الأقوال المثارة، والتي تتردد في مجتمعاتنا وهي بعيدة عن حقيقة هذا الدين واعتداله ووسطيته التي أرادها الله، ومواجهتها بعلم راسخ ينشر عبر كل الوسائل ليعرفه الناس وينسوا هذه الثقافة التي بثها أعوان لهؤلاء على مر العصور، وملاحقة من ينشرونها اليوم ويدعون إليها، والبحث الدقيق عن هؤلاء الذين يبشرون بها، ويملأون بها رؤوسًا جهالاً بالدين وصغار سن لم تكتمل عقولهم بعد، ثم لنبحث عن هؤلاء الذين يمولون هذا الشر الذي ثمنه ثمن باهظ ولا شك، وألا تأخذنا بكل هؤلاء رأفة فهم المتعاونون على الشر، الذين إن تركناهم يعبثون بأمن مجتمعاتنا انتشرت الفوضى.
ثم لنحكم السيطرة على المتعاطفين معهم، الذين يتحولون إلى خوارج مثلهم إن لم نحاسبهم، وكذا من يعبثون عبر وسائل الإعلام القديم والجديد ليصفوا هؤلاء أوصافا تكسر حدة مواجهة الناس لهم والنفور منهم.
فإنّا إن فعلنا ذلك كله استطعنا التخلص من هذا الداء بسرعة، فهل ندرك؟ هذا هو ما أرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: