لقد أسهمت مؤسسة الفرقان في الجهد العلمي في رعاية وحفظ التراث الإسلامي لا سيما المخطوط منه وقد بدأت عملها بمشروع موسوعة مكة والمدينة..
عدت قبل أيام من رحلة استغرقت عشرة أيام إلى العاصمة البريطانية «لندن» حضرت خلالها احتفال مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي, والتي ترعاها مؤسسة يماني الثقافية والخيرية, والتي أراد مؤسسها الشيخ أحمد زكي يماني وزير البترول السابق أن تجمع بين العمل الثقافي والخيري معاً, ولعله أول قرن للثقافة بالعمل الخيري في عصرنا الحاضر, وقد نشأت هذه المؤسسة في لندن عام 1988م, وهي منظمة غير ربحية, تعنى بحفظ التراث الإسلامي مخطوطاً وفكراً وعلماً, وتهدف لرعاية البحث في مجال التراث الإسلامي وتشجيعه ودعمه والمساهمة الجادة في الحفاظ على مخطوطات التراث الإسلامي وصيانتها, ونشر الوعي بتراث الإسلام ودوره وأهميته, ومن أهدافها الأخرى:إجراء مسح لمجموعات المخطوطات الإسلامية في العالم, ونجحت في هذا المجال إلى حد كبير بالتعاون مع مكتبات العالم, كما قامت بفهرسة مجموعات من المخطوطات الإسلامية والتي لم تتم فهرستها من قبل ووصلت إليها أينما كانت, لتحقق هدفها الأسمى في الحفاظ على هذه المخطوطات كما نشرت طبعات نقدية لنصوص مختارة منها, كما نشرت مراجع ببلوغرافية في مجال المخطوطات الإسلامية, وفي مجال آخر هو مجال المقاصد الشرعية, وعقدت عدة دورات تدريبية حول الجوانب المختلفة من التراث الإسلامي, مثل فهرسة المخطوطات وحفظها, ودراسة مقاصد الشريعة وتفعيلها, وعقدت العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات لتحفيز البحث في مجالها, وأسست في مقرها بلندن مكتبة مرجعية تحتوي على أدوات البحث الأساسية والضرورية لدراسة المخطوطات والمقاصد, كما انشأت قاعدة بيانات للفهارس والأعمال الببلوغرافية على شبكة الانترنت, مع تمكين العلماء والباحثين ودارسي الحضارة الإسلامية والتراث الإسلامي في شتى أنحاء العالم التواصل مع المكتبة بسرعة ويسر, وقد حضرت احتفالها بمضي خمسة وعشرين عاماً على انشائها في حفل بهيج حضره الكثير من العلماء والمهتمين بالتراث عرباً وأوروبيين, كما حضرت مؤتمرها السادس في تحقيق المخطوطات الإسلامية, وكان في هذه الدورة عن تحقيق المخطوطات الإسلامية في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية في يومين هما الثلاثاء 26/11/2013م والأربعاء 27/11/2013م كان في اليوم الثاني خمس جلسات طرحت فيها خمس ورقات بحث عن مناهج مخطوطات العلوم الإنسانية ألقاها خبير التحقيق المشهور الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف, ثم ورقة عن إعادة بناء النصوص القديمة الضائعة- مصادر التأريخ المصري أنموذجاً والقاها الأستاذ الدكتور أيمن فؤاد سيد, وورقة المخطوطات العربية والسريانية في البحر الأبيض المتوسط, المنهجية وبعض النتائج وألقاها الأستاذ مارون عواد, ثم ورقة عن الكوديكولوجيا خطوة أولى وعنصراً أساسياً في عملية التحقيق العلمي نماذج من التراث العربي, القاها الأستاذ الدكتور أحمد شوقي بنبين, وأخيراً تحقيق المخطوطات الإسلامية في العلوم الاجتماعية والإنسانية في البوسنة والهرسك, وفي اليوم الأول سبقها خمس أخرى بدأت بورقة حول تحقيق جديد لكتاب «معجم ما استعجم» لأبي عبيد البكري, حاضرنا بها الأستاذ الدكتور عبدالله يوسف الغنيم, ثم ورقة بعنوان «تصنيف حقب التأريخ الإسلامي عند ابن خلدون ومسائل أخرى» حاضرنا بها الأستاذ الدكتور ابراهيم شبوح, ثم ورقة ثالثة بعنوان (تحقيق مخطوطات التصوف» كتاب الفتوحات المكية نموذجاً» ألقاها الأستاذ الدكتور عبدالحميد مدكور ثم ورقة رابعة بعنوان»فن تحقيق التراث.. دراسة تأصيلية رسالتا الامام الأشعري والغزالي نموذجاً, ألقاها الأستاذ الدكتور محمد السيد الجليند, وأخيراً ورقة بعنوان:تحقيق كتب علم الكلام.. الأخطاء وأصنافها للدكتور خالد زهري, وكان الحوار حول هذه الورقات مهما ونشطاً خلال اليومين, أعقبه في اليوم الثاني حوار مفتوح مع مجموعة المحاضرين, ثم أعقب هذا المؤتمر الاحتفال الذي نوهنا عنه من قبل تلاه من 30/11/2013م وحتى 3/12/2013م الدورة العلمية الثامنة في مقاصد الشريعة الإسلامية, وهي الأولى من نوعها في لندن, وقد سبقها دورات سبع في بلدان مختلفة, وقد استمرت هذه الدورة أربعة أيام متصلة, وحضرها عدد كبير من المهتمين بالشأن الإسلامي من المسلمين المقيمين ببريطانيا وبعض الأوروبيين وقد اهتمت بالمبادئ والمفاهيم في مقاصد الشريعة, فعرجت على مقصاد الخطاب الدعوي, وتأريخ تطور علم المقاصد, والتباسات العلاقة بين علم الأصول وعلم المقاصد, والذرائع في الشريعة بين السد والفتح, ثم القواعد الفقهية والمقاصدية, ثم الاجتهاد المقاصدي.. مجالاته وآفاقه, ثم مقاصد الشريعة والتجديد الإسلامي المعاصر, وموانع حركة التجديد المقاصدي, وطرق الكشف عن مقاصد الشريعة, وتفعيل المقاصد في المجال الخيري, والترك في التشريع والتكليف, والمقاصد في المعاملات المالية الحديثة, وفي اليوم الرابع أجري حوار مفتوح مع الأساتذة المحاضرين وقد أسهمت مؤسسة الفرقان في الجهد العلمي في رعاية وحفظ التراث الإسلامي لا سيما المخطوط منه, وأسست لها شهرة بين المهتمين بشأنه, وقد بدأت عملها بمشروع موسوعة مكة والمدينة, والتي صدر منها حتى اليوم ستة مجلدات ضخمة والسابع على وشك الصدور, وقد كنت على صلة بها منذ سنوات طويلة أتابعها وأشارك في بعض أعمالها, وأسأل الله عز وجل لمؤسسها الثواب العميم لما بذل ويبذل في سبيل التراث الإسلامي من جهده وماله, وأرفع الدعاء لله عز وجل أن يشفيه ويعافيه مما ألم به من مرض وأن يعود الينا قريباً في أرض الوطن إنه السميع المجيب لمن دعاه.