حقًّا إنَّ هناكَ كثيرين ممَّن لهم مواقف مع قطر ثابتة، سواء أحسنت أم أساءت، أصابت أم أخطأت، وقد يكونون مستفيدين من تلك الأموال التي تُنفق لشراء المواقف من كُتَّاب، أو شخصيَّات، يُظَن أنَّها مؤثِّرةٌ، إلاَّ أنَّ كلَّ هذا أوهام لا تُجدِي نفعًا مَن يتتبَّعها ويرجو نفعها، ويظن أنَّ النجاح سيكتب لمواقفه المشبوهة، إن كانوا في صفِّه، ويظن أنَّه بها يكسب مكانةً تُخضع الآخرين لما يريد، وهو وَهْمٌ عاش في رؤوس بعض الحُكَّام، لأنَّهم لم يخبروا الحياة، وما عرفوا كيف يُدار الحُكم، وما حدث من قطعِ عدَّة دول -منها بلادنا- للعلاقات مع قطر، وستتبعها كثيرٌ من الدول -ولا شكَّ- لما للأسلوب القطريِّ من أثرٍ بالغ في علاقات عداءٍ كثيرةٍ مع دول محيطة بقطر، وأخرى بعيدة عنها، وقد يتزايد الأمر في أيام قليلة فتنضم إلى المقاطعة دولٌ غيرُ عربية، والتي ظنَّ الناسُ أنَّه لن يحدث، فقد صبر الأشقاءُ على سوء العلاقةِ القطريَّة عقدين من الزمان، أو أكثر، ولكنَّه اليوم حقيقة واقعة، وكنَّا نتمنَّى ألاَّ يقع هذا، فكم ناصحنا إخوتنا في قطر، ولكنَّهم -للأسف- لا يسمعُونَ النَّصيحة، ورحم اللهُ خادمَ الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقد أبلغَ النصيحةَ لحاكمِ قطر، ولأبيه من قبلِهِ، ودومًا كان ولاةُ أمرنا أشدَّ صبرًا في مواجهة أذى حكام قطر، ومَن حولهم، ولكنَّ الصبر لا يكون سرمدًا، فالصابرُ المحتسبُ لابدَّ وأن يغضبَ، لشعبهِ وبلدهِ، وأن يمنع الضرر عنهما، وكان ذلك هو الموقف الذي وجبَ أن يكونَ بعد أن لم تنجح النصيحةُ، ولم ينجح الصبرُ في كبحِ جماح مَن لا يعرف لذلك قيمةً، فكان لابدَّ وأن تتَّخذ المواقف الأشد نحو منع ضررٍ كان لنا من دولة قطر على مدى عقدين، فكانت المواقف الجماعيَّة من المملكة والإمارات والبحرين، ثم مصر، وانضم إلى ذلك بلدان بعيدة عن الخليج بعدًا شاسعًا، ولكن الأضرار بلغتها، وننتظر أن ينضمَ إلى مشروع المقاطعة أعدادٌ أكبر، لا من الدول العربية وحدها، بل ومن سائر دول العالم، إنْ أردنا حربًا حقيقيَّةً للإرهاب ومموليه وداعميه في شتَّى أرجاء هذه الدنيا، فلنضرب لهم المثلَ في منطقتنا، ليحذو حذونا، فذاك ما نريد، واللهُ عزَّ وجلَّ يوفقنا، فما نحن إلاَّ طلاب استقرار لأوطاننا.. والله من وراء القصد.