ما عاش من لا يهتم بوطنه

هذه الوحدة إنما تحققت بجهاد بذله الأجداد وضحّوا بأرواحهم في سبيله، وعلينا أن نحفظ لهم ما صنعوا فنوالي البناء ونحفظ وطننا من كل الأخطار..

الأوطان ولاشك أغلى ما يملك البشر في حياتهم, لذا كان من الفطرة حب الأوطان والذود عن حياضها وحمايتها من خطر يمكن أن يتهددها, فالإنسان لصيق بوطنه منذ الولادة ينشأ على ترابه وتحت سمائه ينعم بخيراته, أهله فيه وقراباته وأحبابه, ومن الناس من لا يستطيع فراق وطنه, لأنه يعشقه ويرى فيه خير أوطان البشر, فإذا كان لهذا الوطن مكانة كوطننا الذي شع منه نور الهداية للبشرية جمعاء, بعد أن أظلمت من حولهم الأهواء, فنحن أحفاد أولئك الكرام الذين حملوا الرسالة إلى جميع أصقاع الأرض, يخرجون الناس بما حملوا من هداية الله من الظلمات إلى النور, ونحن من عشقنا هذه الأرض لأن فيها أقدس المقدسات الإسلامية, مكة المكرمة الذي ولد النور أول مرة على أرضها, والمدينة المنورة التي ظلت له حاضنة حتى بلغ أقاصي الأرض, وما بين مكة والمدينة مسرح عمل دؤوب قام به الأجداد لترسيخ دولة الإسلام, فنحن بهذا محظوظون,
وجزيرتنا العربية أرض أمجاد اختار الله أن تكون الدعوة من قلبها, وهي منبت العرب حملة الإسلام, والعرب كانوا أكثر الناس صفاء ونقاء ومكارم الأخلاق ولذا اختار الله أرضهم مبعثًا لنور الهداية, لذا كانت العروبة والإسلام وجهي عملة واحدة, و
هذا الوطن على رحابته يستحق منا أن نحرص عليه ونحميه في هذا العالم المضطرب من الشرور, وحين نحتفي اليوم بعيده ونستحضر ذكرى عزيزة يوم توحدت أجزاؤه في كيان واحد, في زمن كانت فيه الأوطان تتفتت بفعل المستعمر الغربي, الذي صنع من أوطاننا دويلات, متفرقة, وبقي كياننا على أرض الجزيرة شامخًا, وهو اليوم دولة عظيمة يحسب لها الحساب بين دول العالم, وهذه الوحدة إنما تحققت بجهاد بذله الأجداد وضحوا بأرواحهم في سبيله, وعلينا أن نحفظ لهم ما صنعوا فنوالي البناء ونحفظ هذا الوطن من كل الأخطار التي تهدد الدول في العالم الثالث وأخصه دولنا العربية والإسلامية بتجزئ جديد, وعدوان سافر على مقدراتها وتدخل في شؤونها حينما تصنع الأحداث في المخابرات الأجنبية, ثم تثار في الأوطان فيتصارع أهل الوطن الواحد صراعًا لا يبقي ولا يذر, فيفقد الوطن وحدته الوطنية الأعلى, حينما يتفرق أهله وتشيع بينهم الكراهية والبغضاء,
وما نراه اليوم من محاولات للتدخل في شؤون دولنا العربية خاصة من قبل الغرب وأمريكا إنما هو أخطر ما يتهدد دولنا, فالحرص على الوحدة الوطنية نجاة للأوطان من المهالك, نعيش على أرضنا وإن اختلفنا مذاهب أو طوائف, أو إيدلوجيات أفكار يصنعها البشر, ولكنا نتعايش على أرض الوطن ونتعاون على الرقي به وتقدمه, الوطن لنا جميعًا, ومذاهبنا وأفكارنا لنا, لا تكره جماعة جماعة أخرى على ما تريد وما تنتهج من مذاهب أو أفكار,
فأول الحريات وأهمها هو أن يكون لكل إنسان الحق في ما يفكر وما يعتمد لحياته ولكن الجميع مطالبون دومًا أن يحموا الوطن, لأن فقده يعني فقد الحياة, ولا يرتضوا لعابث أن يستهدفه بشر سواء من الداخل أو الخارج, ولنقل سلمت وطني في سني الاضطراب والأخطار من كل نوع, ولنكن نموذجًا للعالم من حولنا, ولا يعني هذا ألا نتصارح عما في بعض أوضاعنا من خلل, أو ما انتشر من بعض الفساد الذي أضر بحياتنا في هذا الوطن, ولكنا يجب أن نتعاهد على الإصلاح, نتناصح ونبحث عن الحق في كل شؤوننا, وغايتنا أن تصل الحقوق لأصحابها, وأن نحافظ على أمن وطننا ولا نستمع لمن يدس لنا السم في الدسم, بأي طريق حتى ولو يلبسه لبوس الإسلام, دام عزك يا وطن وحفظك الله من كل سوء.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: