يجب النظرُ لأوضاع المعلمات المتخرّجات في الكليات المتوسطة، من حيث المرتبات التي يجب أن تكون مجزية تجاه ما يقمن به من عمل في مدارسهنّ..
لستُ أشكُّ أنَّ مَن تعلّموا في كليات المعلمين المتوسطة، وأنا أحد مَن درسوا فيها قديمًا، قد حظوا بالتوظيف، ونالوا حقوقهم -معلمين ومعلمات- إذا كانوا قد التحقوا بالعمل في المدارس الحكومية، ولعل بعضهم اليوم يتسلمون مرتبات مجزية، وهم على وشك التقاعد، أمّا أولئك الذين التحقوا بمدارس خاصة، فقد واجهتهم الكثير من الصعوبات، مثلهم مثل كل العاملين في تلك المدارس، والذين أعطوا أحيانًا مرتبات لا تكفي أجور نقلهم للمدارس، ومن ثم كان عملهم فيها أشبه بالسخرة زمنًا ليس باليسير، إلاّ مَن أسعفه الحظ منهم، وعُيّن من قِبل وزارة التربية والتعليم، وأعطي للمدرسة الخاصة على سبيل الإعانة لها، خاصة المدرسات اللاتي لم ينلن حقوقهن في هذه المدارس الخاصة، حتى ولو كانت الظروف الأقسى هي التي دفعت بعضهن إلى الاتجاه إلى المدارس الخاصة، ولمّا أريد أن تُعدّل أوضاع العاملين في المدارس الخاصة، وأن يبلغ راتب المعلمة خمسة آلاف ريال حُرمن منها؛ بحجة أنهنّ لسن جامعيات، ولو أمضت إحداهنّ في خدمة التعليم عقدين من الزمان. وهو أمر غريب، ويزيد الأمر غرابة أن يُمنع توظيفهن مستقبلاً، وهذه مشكلة تكررت، فقد كان لدينا معلمون في المرحلة الابتدائية خريجو معاهد للمعلمين، درسوا فيها بعد الابتدائية ثلاث سنوات، ثم عُيّنوا مدرسين، لحاجتنا آنذاك لسد النقص في المعلمين، ولو بمعلمين على هذا المستوى، واستمروا في أداء العمل، وبعضهم تحسن أداؤه بما أضاف إلى نفسه من معارف، وساعدته الخبرة المكتسبة، ولكن بمجرد ظهور معاهد المعلمين الثانوية أصبحنا نهملهم، بل ولا يُعيّن منهم الجديد؛ بحجة أنهم غير مؤهلين.
ولمّا مر زمان على خريجي المعاهد الثانوية، وهم يمارسون التدريس فكّرت الوزارة -آنذاك- أن تنشئ الكليات المتوسطة، فما كان أن تكاثرت أعداد خريجيها حتى نظرت إلى خريجي المعاهد الثانوية بأنهم غير مؤهلين، وضاعت حقوق كثيرين منهم بسبب ذلك، والدفعات الأخيرة منهم لم تُعيّن، ثم ارتأت الوزارة أن ترقي الكليات المتوسطة إلى كليات جامعية، فأصبحت تنظر إلى خريجيها القدامى أنهم غير مؤهلين، ونالهم الاضطهاد، وضاعت حقوق بعضهم، وها هي المشكلة تكرر اليوم مع خريجات الكليات المتوسطة، ولظروف المرأة التي قد لا تستطيع الانتقال من مدينة إلى قرى بعيدة لا محرم لها فيها كثيرات لم يُعيّنّ في المدارس الحكومية، واضطررن للعمل في المدارس الأهلية تحت ظروف غير مواتية -مرتبًا وحقوقًا وظيفية- وكلنا يعلم ظروف كثير من المدارس الخاصة، وما يعانيه معلموها ومعلماتها السعوديون، وتفضيل أصحابها للمدرس المتعاقد من خارج المملكة، ولأن المعلمين والمعلمات هم نتاج خطط وزارة التربية والتعليم على مر السنين، فيجب النظر لأوضاع المعلمات المتخرجات في الكليات المتوسطة، وخاصة منهن من بقين خارج نطاق العمل بالمدارس زمنًا طويلاً، من حيث المرتبات التي يجب أن تكون حافظة لكراماتهن، مجزية تجاه ما يقمن به من عمل في مدارسهن، وإذا كانت الدولة تريد الارتقاء بشأن المعلم السعودي في المدارس الأهلية، فلا يجب أن يخصص الجامعي فقط بهذا الارتقاء، خاصة في المرتبات، وخاصة من أمضوا في التعليم مدة طويلة كبعض المعلمات الحائزات على شهادة الكليات المتوسطة، الوزارة هي مَن أهلتهن للتدريس وهن قد قمن به، وحسن من أحوالهن المعرفية، واكتسبن الخبرة، فلابد أن ينلن من الأجور ما يكافئ عملهن، مثلهن مثل الجامعيات، كما أن المدارس الأهلية تحتاج من الوزارة عناية خاصة، وكثير من هذه المدارس لا تقدم خدمة تعليمية وتربوية يوثق بها، فهي تحتاج من الوزارة إعادة النظر في أوضاعها، وضبط العمل بها إداريًّا وتربويًّا، حتى نتمكن من الوثوق ممّا يتلقى أبناؤنا داخل أسوارها، وأنا على يقين أن الوزارة ستجد حلاً للمعلمات اللاتي اليوم يشتكين من أوضاعهن داخل المدارس الأهلية، وبسرعة ليتفرغن لعملهن وهن ممتنات للوزارة، فهو ما أرجو، والله ولي التوفيق.