كان عيد الفطر وعيد الأضحى في هذا الوطن له بهجة, فالناس فيه يفرحون بالعيد, ويخرجون من بيوتهم للتزاور, وتنصب في الساحات الألعاب للأطفال, ويقيم الناس الولائم أيام العيد كلها يجتمعون فيها ويتبادلون الأحاديث ويمارسون لوناً من الفنون الشعبية البريئة, وغاب كل هذا ليحل محله نوم بالنهار وسهر بالليل في البيوت أمام التلفزيون أو الكمبيوتر, حتى لبس الثياب الجديدة في العيد لم يعد يهتم به أحد, وأما من يسافرون إلى خارج البلاد, فهم قد استغنوا عن كل تواصل مع الأهل أو الاصدقاء في مثل هذه المناسبات, فهم لا يجدون مناسبة مثل هذه إلا وحملوا حقائبهم متوجهين, لما اختاروا من دول يجدون فيها ما لا يجدونه في وطنهم, فما الذي غير الناس, هل هو السعة في الرزق التي جعلت كل واحد يستغني به عن كل الروابط الإنسانية?, لا أظن ذلك فلا يزال في الناس في هذا الوطن من هم أصحاب دخول محدودة, وهم أولى الناس بالفرحة في الأعياد, ولكنهم أيضاً لم يمارسوا بهجة العيد, أم هي قيود دينية ينشرها أناس لا يحبون البهجة?, فعاد الناس يخشون أن يمارسوا أي لهو برئ في أي زمان كان, أم ماذا? إني لأعجب من غياب البهجة أو غيره, حتى إنك تخرج يوم العيد لتتجول في المدينة فلا ترى أحداً في الطرقات أو الساحات, هم فجأة اختفوا وكأن المدينة مهجورة, وإن ظهروا في الليل على الشواطئ والحدائق, فأنت تبحث كل هذه السنين, أعاد الله علينا جميعاً عيد الأضحى المبارك ونحن دوماً في أمن وأمان وسعادة غامرة تعيد إلينا وهج الحياة إنه سميع مجيب.