الثلاثاء , 3 - ديسمبر - 2024

مواجهة النقد بفتوى

يعلم كل ذي علم ورأي أن النقد الوسيلة الأهم لتطوير الأعمال وتجويدها وهو إن غاب عنها كثر فيها الاضطراب والخطأ ولهذا منذ القديم وجدنا في إدارة الأعمال ما نسميه المراقبة عن الأخطاء وإن قلت. والنقد للأجهزة الحكومية التنفيذية في هذا العصر ضروري عقلاً وشرعاً والا تفشت فيها الأخطاء الفادحة وعلى رأسها الفساد الذي يقضي على صواب العمل في هذه الإدارات وكل بلد يقمع فيه منتقدي الاجهزة الحكومية تتدهور أعمالها وتتدنى وتشيع فيها الفوضى فمساندة الناقديين واتاحة المعلومات لهم عن سائر الأجهزة الحكومية إلا ما كان سراً حفاظاً على الأمن القومي واجبة.
أما مهاجمتهم والتضييق عليهم بكثرة القيود فهذا يتيح الفرصة لانتشار الفساد والفاسدين والاشد ضرراً أن تصدر الفتاوي بتجريم النقد والناقدين ومثله أن يتحدث اعضاء مجلس الشورى عن تجريم للمنتقدين فهذا كله يستبعد النقد الظاهر النزيه والموضوعي وينتج ان يعمل الفاسدون بحيث لا يكشف لهم ستر. ونحن لا نقول ان النقد كله نزيه فقد يكون بينه نقد من يصفون حساباتهم مع خصوم لهم في الادارة، واولئك الذين ينتقدون لغايات حزبية مثلا إلا أن عامة من ينتقدون إنما يبحثون عن الخلل والقصور في أداء الادارات الحكومية ليشيروا إليها ويطالبون بالتصحيح لتقوم هذه الادارات بمهامها في أفضل صورة, وها نحن نرى كيف يتطور الأداء الحكومي في دول العالم المتقدم بسبب وجود النقد الكاشف لكل قصور يظهر أو خلل يدب في الادارة الحكومية ونرى كيف أن في دول العالم الثالث يتدنى الأداء الحكومي إلى الدرجة التي لا يستفيد منه المواطنون بسبب القيود المفروضة على النقد في الإعلام بصفة عامة بل وقد يبلغ الحد الذي يخشى معه الناس الخوف من نقد الأداء الحكومي في مجالسهم الخاصة وهذه الصورة توضح ما للنقد من أهمية قصوى في حياة الناس في أوطانهم ولهذا شاع في أدبيات الصحافة أنها السلطة الرابعة بعد سلطة القضاء وسلطة التشريع وسلطة التنفيذ.
ولذا سنت القوانين التي تتيح للعاملين فيها الحصول على المعلومات وعدم حجبها عنهم ليقوموا بمهمتهم السامية على أكمل وجه.
لهذا تمنيت ألا تصور الفتاوى عن النقد في ساحتنا إذا كان نزيها وموضوعياً وأن يساند ذلك اعضاء مجلس الشورى لا أن يقيدوا ذلك بدعوى أن المنتقد يذكر السلبيات ولا يذكر الايجابيات والنقد إنما يوجه للسلبيات في الاساس والايجابيات في العمل الحكومي هي أداء لوظيفة لا يشكر عليه صاحبها فهو حينما تولى وظيفته أوجب على نفسه كما أوجبت النظم عليه ان يقوم بأداء عمله بأحسن صورة ممكنة وانما يشكر من هؤلاء المتميز المبدع لا من يؤدي وظيفته وكفى اما المقصر فهو الذي يتوجه اليه النقد فاذا كشف قصوره وجبت محاسبته على ذلك. هذه هي الحقائق وغيرها اوهام والناقد غير النزيه يحاسب وحده على ذلك فهل ندرك هذا هو ما ارجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: