حتمًا عندما يموت الشرير فإن شره لا يموت، فكل شرير له تلاميذ يرثون شره، وقد يتفوق التلميذ الشرير على أستاذه، فيكون أشر منه فيملأ الأرض شرًا، ويقضي على كثير من الخير الذي نبت بموته، ولهذا يكون عصر التلميذ أعظم شرًا، وأشد قوة في الشر من أستاذه، فلاشك أن من فكر بأن فلسطين أرض بلا سكان، واليهود سكان بلا أرض، فسعى في الحصول على وعد من أعظم إمبراطوريات الاستعمار أن يسكنوا الصهاينة الأرض التي حكم ظلمًا بأنها أرض بلا سكان، وهي أرض فلسطين، والتي كانت تزدحم بالسكان آنذاك، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم لا يكرهون أحدًا من خلق الله، سواء سكنوا معهم أرضهم أم لم يسكنوها، ولكن الظلم الذي تطاول زمانه حتى أصبح أعظم الشر، والذي أصبح مثالًا ونموذجًا لشر في شتى أرجاء الأرض، وبه لم يعد للحق وجود في أرض الشرف، ولم يعد به للعدل مكان فيها.
هكذا أصبح الإنسان في أرض فلسطين يغتال بسهولة، ويسال دمه كل يوم، وأصبح الشر يسكن أرضًا قدسها الله لتكون أرض كل خير، واختارها لتكون أول موضع يعبد الله فيه، هي أرض بيت المقدس، فسكنها شرذمة من الأشرار ارتكبت على أرضها أسوأ الجرائم مما لم يسمع بمثله البشر قبل وجودها هناك، هي المأساة التي منى بها العرب على مدى عصور ثم أراد الأشرار أن يكون لهم أرض أخرى تتنفس شرًا على مدى الأعصر والأزمان، فكان للفرس ميادين قتال على كل أرض عربية يدعون أنهم به يريدون تحرير القدس وهم يقتلون من هيأهم الله لسكناه، وأعدهم ليكونوا محررين له من الأشرار، فتسلطوا عليهم حتى لا تتحرر القدس أبدًا على المدى الطويل، باسم جهادهم وقتالهم يقتلون خير أمة أخرجت للناس، يرسلون إليها الجيوش لتهزم أبدًا ولا تبقى لهم قدرة على أن تهزم من احتلوا القدس بعزيمتهم وبما بث فيهم الرب القدرة على هزيمة الشر والأشرار، ليعود للحق منارًا لا يمكن هدمه أبدًا، لأنهم الأمة التي لم يختر أمة سواها للنصر.