نتائج عدم إصلاح الأمم المتحدة

لاشك أن منظمة هيئة الأمم المتحدة، ورثت نظيرتها التي انتهت بفشل في القرن العشرين وتحديداً في 30 سبتمبر عام 1936م، رغم أنها ظلت في الوجود من الناحية القانونية وأداء مهامها، وظل المقر الرئيس لعصبة الأمم، المعروف بقصر السلام شاغراً لست سنوات حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1943 في مؤتمر طهران وافقت قوات الحلفاء على إنشاء هيئة جديدة لتحل محل عصبة الأمم، وهي الأمم المتحدة، التي تعقد جمعيتها العامة هذه الأيام، والفكرة للمنظمتين فكرة غربية وأغلب الدول المنشئة لها دول غربية، وقد وضع مواثيقها مندوبون لدول غربية غالبها آنذاك دول مستعمرة لدول الشرق، فالمصالح التي رعتها ولاشك أنظمة المنظمتين هي مصالح غربية، وإن صيغت بشكل يزعم أنها عالمية، ونحن اليوم ندرك الوضع بشكل لا يحتاج إلى أدلة وحجج وبراهين فإن البديل اليوم (هيئة الأمم المتحدة) لا يصدر عنها قرار ما لم يحقق في الواقع مصالح الدول الغربية بصفة عامة، وخمس دول أعطت نفسها الاعتراض على كل قرار يصدر عنها ما لم يحقق مصالح لها، وهي منقسمة إلى قسمين: ثلاث دول غربية، هي الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، ودولتان اشتراكيتان شرقيتان هما الصين والاتحاد الروسي، وهما دولتان تشعران كالدول الغربية بأن مصالحهما هي الأولى بالتحقيق، وغالباً ما تتفق مع الدول الغربية لاقتسام المصالح وباقي دول العالم مصالحها مهدرة لا تستطيع تحقيقها عبر هذه المنظمة التي كلما طال عمرها كلما شعر العالم كله بعدم جدواها، حتى من تحقق مصالحهم اليوم ينادون بإصلاح أنظمتها، ولكنهم لا يتخذون الخطوات اللازمة لتحقيق هذا، فالولايات المتحدة الأمريكية اليوم في عهد رئيسها الجديد تتحدث على لسانه عن إصلاح الأمم المتحدة، ولكنها لا تفعل شيئاً حقيقياً من أجل ذلك، ولعل النقطة الأهم في الإصلاح هو نظام الفيتو، الذي يعطي الدول الخمس الدائمة العضوية الحق في تعطيل أي قرار يصدر عن المنظمة ولا يحقق لها مصلحتهم، وكم عطلت قرارات عادلة لرفع الظلم عن أمم تعاني من مشكلات استعمارية أو شبه الاستعمارية، ولعل أهم قضية إنسانية عادلة ظل هذ الحق (النقض أو الفيتو) يعطل كل قرار عادل يصدره مجلس الأمن في حقها، وأسوأ استعمار في العالم يجري منذ عام 1948م وحتى اليوم على أرض فلسطين، ولا يمكن التخلص منه بسبب هذا الحق الظالم، الذي تتمتع به دول خمس دون دول العالم أجمع، وما لم تحل هذه المعضلة وتلغى تماماً، فدور هذه الهيئة في العالم منتقص، ولا يشعر به الضعفاء في هذا العالم، بل بسببه يظلمون، وقد كان لهم أمل في مجموعة دول عدم الانحياز التي نشأت أصلا لتحقق لهم الأمل في الحياة، فاستطاعت ألاعيب الدول الغربية أن تقصيها تماما عن المشاركة في حل مشكلات العالم، خاصة وقد أصبحت أساليب الضغط السياسي والاقتصادي مما تحارب به الدول لتصوت لصالح قرارات في كثير من الأحيان ضارة بها ضررا فادحا، ونظرة سريعة على مشكلات العالم اليوم ستهدينا إلى أن السبب فيها قرارات الدول العظمى الخاطئة والمتعجرفة في آن معاً، حتى أن حرب الإرهاب لم تعد مجدية لأن القرارات السليمة القادرة على القضاء عليه لا تتخذ، ويتسامح مع الدول الداعمة له والممولة، والتي تصرح بذلك علناً، وإذا استمر هذا الوضع المتردي عالمياً، ولم تستطع دول العالم بكثير من الحزم التغلب عليه، سيبقى وضعاً مؤسفاً لدول العالم أجمع، ولن تستثنى دولة واحدة حتى وإن كانت ترى نفسها دولة عظمى من آثاره، ويرى كثير من مفكري العالم أن الوضع المزري للأمم المتحدة قد يتسبب في انهيارها وشيوع الاضطراب في العالم خاصة مع وجود هذه الأعداد الكبيرة من الإرهابيين التي تتنقل عبر العالم، فهلا أخذت دول عدم الانحياز على كاهلها العمل من أجل إصلاح الأمم المتحدة حتى ولو أدى ذلك للانسلاخ عن هذه المنظمة التي أصبحت نادياً لدول الظلم في العالم، وأما إن انضمت دولة أو اثنتان من الدول الخمس لهذه الدعوة لأصبح الإصلاح ممكنا، فهل يفعلون ويتبرأون من المظالم؟!.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: