حكايتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية -منذ زمن طويل- غريبة، إذ تزعم الصداقة لدولتنا، وتدعي التعاون معنا، ولكنها تتحفنا كل عام بانتقاد لسياستنا الداخلية، مما يعتبر تدخلًا في الشؤون الداخلية لدولتنا الفتية، ورغم أننا دومًا نرد على ما تُثيره تقاريرها التي تزعم أن لدينا انتهاكات حقوق للإنسان، التي دومًا تُصوِّرها كل عام، رغم ردودنا عليها الدائم، وعلى مر السنين كُنَّا -رغم ذلك- نتعاون معها، ونعتبرها من الدول ذات الصلة القوية ببلادنا، حتى رأينا أن حُسن التعامل -الذي اشتُهرت به دولتنا- أغرت بعض الأفراد الأمريكيين من محامين وصحفيين، ومَن يزعمون أنهم ناشطون حقوقيون، يستهدفوننا باستمرار، وتقديرًا للصداقة التي بين دولتينا كُنَّا نصمت حين هذا الاستهداف، الذي لا يقوم على أسسٍ صحيحة، ولا على أدلةٍ موثوق بها، فأطمع ذلك بعض الجهات في الولايات المتحدة الأمريكية أن تُحدِّث نفسها أن تُحاول أن يُقَر قانونًا من الكونجرس يُحمِّل حكومات أجنبية مسؤولية هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، قد يكون من بينها المملكة، في محاولة ابتزاز واضحة، تُؤثِّر على ما بيننا من صداقة استمرت طويلًا، والرابح الأساسي ولاشك من هذه العلاقة هي بالدرجة الأولى الولايات المتحدة، فنحن أكبر شريك تجاري لها، واستثماراتنا فيها أضخم الاستثمارات الأجنبية، ولكن شهوة بعض السياسيين في الولايات المتحدة في السعي نحو السيطرة على دول أصدقائهم، وبعض محامي الولايات المتحدة وأصحاب الثروات فيها يسعون باستمرار لابتزاز دول الخليج، ورغم أنهم يفشلون، إلا أنهم مستمرون في هذا على مر السنين، ولعل لنا من ذلك حظا ليس باليسير، ولكن الصبر لا يدوم وله حدود، فلما جاءتنا الأخبار بأن هناك محاولة جديدة لابتزازنا يسعى البعض عبر لوبي إيراني أن يُقر الكونجرس قانونًا يُحمِّل حكومات أجنبية مسؤولية هجمات 11 سبتمبر عام 2001 من بينها المملكة ليُحمِّل بلادنا مسؤولية تلك الهجمات ويُطالبها بدفع تعويضات لأهالي الضحايا في تلك الهجمات، مما لم يثبت قضاءً، فلما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز قبل أيام أن السعودية حذّرت إدارة باراك أوباما من أنها ستبيع أصولًا في أمريكا بمئات المليارات من الدولارات، مشيرة لما نقلته الصحف عن وزير خارجية بلادنا الشهر الماضي لواشنطن متحدثًا عن بيع سندات خزانة أمريكية وأصول أخرى في أمريكا بنحو 750 مليار دولار، وهذا ولا شك رد مشروع على تهديد لنا.
هذا، وقد سمعنا -خلال اليومين الماضيين- عن أن لجنة التحقيق الأمريكية الرسمية الخاصة بهذا الشأن صرّحت بعدم وجود أى دور للسعودية فى تلك الأحداث، حيث إن الرئيسين المشتركين للجنة، «توم كين»، و«لى هاميلتون»، قالا: إن المحققين لم يجدوا خلال تحقيقاتهم أى دليل يشير إلى أى دور للسعودية فى الهجمات، وهو ما كُنَّا على يقينٍ تام به.. والله ولي التوفيق.