في بلادنا للوعظ مواسمه، لأنّ قضاياه لم تختلف منذ زمن طويل، إذا بدأ العام الهجري، فهناك خطبة متفق عليها، تؤكد أن آية احتفاء بذكرى الهجرة النبوية والعام الهجري الجديد إنما هو بدعة عظيمة الضرر على المعتقد، فاذا أقبل شهر ربيع الأول وجدت خطباً تتكرر كل عام تحذر من الاحتفاء بذكرى المولد النبوي ، وما يمضي إلا القليل من الزمن حتى يأتي شهر رجب فتجد خطباً تكرر أيضاً للتحذير من الاحتفاء بذكرى الاسراء والمعراج، ثم يلحقه شهر شعبان وله خطبة عاجلة مكررة كل عام تنهي عن قيام ليلة النصف من شعبان أو الاحتفاء بها، فما أن يأتي رمضان حتى تتكرر خطبتان الأولى تنهى عن الاحتفاء بذكرى معركة بدر، أو الاحتفاء بفتح مكة، الذي لم يحل لأحد سوى لسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يقم به سواه ، ولم يدعه أحد بعده ، لنهيه صلى الله عليه وسلم – عن حرب فيها، ثم يأتي العيد فتتكرر الخطب تنهي عن احتفال به، كما يدعى أنه موجب لاختلاط بين الرجال والنساء فيه، وهكذا فخطبنا المنبرية، كما هي عادة المسلمين في عصورهم المتأخرة طبعها واحد، بل وفي كثير من الاحيان ألفاظها وجملها واحدة، تنتسخ من خطبة واحدة، وكلها لا ينتفع منها المسلمون، لأنها تبحث موضوعات بعيدة عن اهتماماتهم وتهمل ماهم في حاجة ماسة إليه من التحذير من الجهل والظلم والعدوان، وأكل أموال الناس بالباطل ، ويريد الفقير أن يسمع منهم كيف يؤدى إليه حقه، وكيف تزال حاجته، ويريد المريض أن يسمع منهم ما يأمر الاسلام له من العناية والرعاية، وتريد الأرملة والمطلقة كيف تحصل على حقوقها، وأن تسمع منهم المرأة الضعيفة المعتدى عليها بالضرب المبرح، والتي لا ينفق عليها إنصافاً منهم وكذا المرأة التي تمنع من رؤية أطفالها ظلماً وعدواناً، وتلك التي لا تعطى أرثها، وهذه التي لا يرى فيها الزوج إلا إناء لقضاء شهوته ولايحسن إليها أبداً.. والكثير الكثير في قضايا الناس التي يحتاجون بل تمس حاجتهم لطرحها عبر كل المنابر للبحث عن حلول حاسمة لها مثل قضايا البطالة ونقص يعتري الخدمات الطبية والبلدية وسواها، فهل يلتفت إليها هو مانرجو والله ولي التوفيق.
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …