الدين باقٍ وأعداؤه زائلون

الإسلام ككل الأديان الإلهية منذ ظهورها ولها أعداء من البشر وجدوا فيها قيوداً تمنعهم من بعض رغباتهم الآثمة وشهواتهم التي لم يستطيعوا تركها، وتحكم فيهم موروث الآباء والأجداد فلم يستطيعوا تغييرها والأديان ولا شك تحتاج للإيمان بالغيب والثقة به وهي قضية تصطدم دوما مع من لا يؤمنون إلا بالمحسوس، لهذا خاطب ربنا عز وجل البشر بقوله تعالى : (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإن الله سميع بصير) ، وذلك بعد ان حذر من آمن بالاسلام مما فعل من كفروا بالله قبلهم ومن المنافقين الذين في قلوبهم مرض، ومن اغتروا بأديان باطلة اخترعوها لانفسهم كقوم فرعون الذين أخذهم الله بذنوبهم ، فقضية الايمان بالغيب هي الامتحان للعباد لذا أكد عليه القرآن وجعله أهم صفات المؤمنين فقال عز وجل (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين, الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون).
والعقل البشري قد لا يستوعب هذه القضية خاصة اذا حال دون ذلك ثقافات مغرقة في المادية تسيطر عليها الحواس، فيصبح الانسان عابداً لكل ما هو محسوس مادي ، يراه ويلمسه.
والمسلمون اليوم في عالمنا هذا المضطرب وجد بينهم فريقان كلاهما متطرف، وبقدر ايغاله في التطرف يبتعد عن الدين فالفريق الاول الذي يخاطب المسلمين مستثيراً عواطفهم الدينية ليعرض عليهم الاسلام صورة من يدعمها بنصوص من الدين يفسرها بهواه لتدعم ما يريد ان يؤمن به المسلمون لهذه الجماعات المتطرفة التي تنسب نفسا للإسلام زوراً وتوغل في غلو ديني يصور للناس أن هذا الدين يعادي الحياة والأحياء جميلة، ويقتل كل مخالف له لم يؤمن به ويشيع بين الناس أن غاية الدين ألا يبقى على وجه الارض سوى اتباعه، وتلك أكذوبة كبرى اضرت بالدين والدنيا وجلبت للمسلمين عداءً ، وظهور هذه الجماعات المتعددة هو أعظم بدعة ظهرت في تاريخ المسلمين ولابد للمسلمين أن يواجهوها بحزم وعزم وأن يقضوا عليها في مهدها قبل أن يجدوا أنفسهم عبيداً لمجرمين قتلة لا يهمهم من الدين إلا أن يكون لهم وسيلة للسيطرة التامة على البلاد والعباد ولابد للمسلمين من حرب ضروس ليبقى الدين نقياً كما أرسل به أول مرة سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولتبقى الحياة للمسملين في حرية تامة يحيونها بكرامة كما أراد الله لهم.
والفريق الثاني : والذي دوماً يظهر بظهور الغلو في الدين وما ينتج عنه من خراب في الأرض وتيه فكري يخرب العقول وكردة فعل لهذا يظهر عباد المادة والشهوات في أحقر صورهم داعين إلى التحرر من أحكام الدين كلية يبدأون أولا بالتشكيك في أحكامه ومناهجه أو مصادره وعلمائه وتجد بينهم من يسخر من حقائقه.
وأخطرهم ولاشك من يدعو بزعمه إلى ما يسميه صحيح الدين، وإذا تعمقت فيما يدعوه إليه أدركت أنه يحمل معولا يظنه به يستطيع هدم الدين، فلا يبقى بينه وبين ما يهوى من الشهوات حائل.
وكلا الفريقين لا يعلمون أن وعد الله نافذ وأن هذا الدين الحنيف هو رسالة الله إلى البشر الخاتمة لرسالاته إليهم باقية خالدة حتى تقوم الساعة والله عز وجل يقول (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، وقد حفظ الله أصول هذا الدين وقطعياته من أن تغير أو تتبدل، ولن يستطيع أحد أن يفعل ذلك . فهم واهمون إن ظنوا أنهم قادرون على هدم هذا الدين أو تشويهه فهلا كفوا عن محاولاتهم البائسة واليائسة فكلها ستذهب هباء وسيبقى دين الله منصوراً أبداً..وهو المرجو والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: