بين الأمراض المنتشرة والأوبئة المستمرة التي تغزو العالم، يمرض العالم كله، وتنتهك الأجساد ويضعف البشر، فلا يعودون قادرين على حمل الآلام، ثم يعود بعض البشر ضعفاء لا يتحملون قسوة الحياة، وقد خلقهم الله أقوياء أشداء يستطيعون التدرج في الحياة قوة دون ضعف، ليصلوا إلى أقصى ما يستطيعون من قوة يبنون ولاشك بها الدنيا، وتروج لهم الحياة، ويستطيعون فيها العمل بكل جهد ممكن فيبنون الكون ويعمرونه، تلك غايتهم التي خلقهم الله لها وأمدهم بالقوة لعمارة هذا الكون.
لذا جاء التوجيه الإلهي بأن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير، فالمؤمن لا يضعف أبدًا، يواجه الحياة بقوة بدن وعقل ويستطيع بالجهد أن يصنع عالمًا يستطيع البقاء، تلك هي غاية الحياة، وليس الضعف لها الغاية أبدًا، ولا معنى للشعوب بالضعف فيها أبدًا، والمؤمن إذا أحس بالضعف لم يستكن ويظل يعمل مادام قادرًا حتى يلقى ربه، فالضعف ليس له غاية أبدًا، وهو يعلم أن المؤمن القوي أحب الى الله من المؤمن الضعيف، وإذا اقترب أجله لم يضعف ولم يهن، لا تزال صلته بربه قائمة مادام حيًا، وحتى إذا جاء أجله وأسلم الروح علم أنه منتقل الى حياة أخرى هو فيها أشد قوة، وأنعم بحياة لا تنغيص فيها، وهو يسعى للحياتين، فلا ينقطع عن حياة أبدًا حتى يلقى ربه دون عجز أو كسل، فاستمرار الحياة في بدنه وعقله مستمر، حتى في اللحظة التي يلقى فيها ربه، هو قوي لا يضعف أبدًا، وينتصر للحياة لا للموت والضعف، حياته في الأولى جهاد مستمر وحياته في الأخرى نعيم مستمر بإذن الله، وهكذا هو في قوة لا يضعف أبدًا.