يتمثل احتفال العالم بهذا اليوم للتوعية بأهمية الرعاية الوقائية والعلاجية لكبار السن، وهو الأمر الذي يكاد يفقد في البلدان الإسلامية التي ليس لديها خطط واضحة المعالم لذلك
يمر يوم الأربعاء الأول من أكتوبر كل عام في احتفاء رسمي عبر العالم بالمسنين، والعالم يحتفي هذا العام تحت شعار “دعم مشاركة المسنين في بناء المستقبل الذي نريد” ويبلغ تعداد المسنين فوق ستين عامًا 1.4 مليار شخص عام 2030م، بما يشكل 20% من مجموع سكان العالم.
ويتمثل احتفال العالم بهذا اليوم للتوعية بأهمية الرعاية الوقائية والعلاجية لكبار السن، وهو الأمر الذي يكاد يفقد في البلدان الإسلامية الساعية إلى النمو، والتي ليس لديها خطط واضحة المعالم لذلك، بل يعاني فيها كبار السن مع شركات التأمين الصحي من المصاعب، حيث لا تقبل التأمين عليهم إلا بما يجحف بدخولهم، وإذا دخل أحدهم مستشفى لتعرضه لوعكة صحية استنفذوا ما رصد لعلاجه في التأمين وبقي بقية العام بلا رعاية صحية، وهو وضع مأساوي يجب أن ينتهي في بلادنا، فلا نجد مسنًا لا يجد العلاج لأمراضه إلا بشق الأنفس.
كما أن هذا اليوم الذي أقرته هيئة الأمم المتحدة بأول مبادرة لخطة عمل دولية للشيخوخة عام 1982م كما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 91/46 لمبادئ الأمم المتحدة لكبار السن في 16/12/1991م وحددت هذا اليوم بموجب القرار رقم 45/106 في 14/12/1990 الأول من أكتوبر يومًا دوليًا لكبار السن.
وتهدف إلى التوعية بأهمية الرعاية الوقائية والعلاجية لكبار السن، وتعزيز الخدمات الصحية والوقائية من الأمراض وتوفير التكنولوجيا الملائمة والتأهل الملائم لهم، وتدريب الموظفين في مجال رعاية كبار السن، وتوفير المرافق اللازمة لتلبية احتياجات كبار السن كالدور التي تؤويهم، وحث الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأسر لتقديم الدعم للمسنين لاتباع أسلوب صحي جيد.
ونجد في الغرب اهتمامًا كبيرًا بالمسنين، حتى بتوفير العمل لهم والاستفادة من خبراتهم، أما عن الرعاية الصحية العالية المستوى لهم فحدثنا عنها مطمئن النفس والبال، بل أن كل شيء في البلاد يكاد يخبرك أن للمسن الأولوية، في وسائل المواصلات، وفي مراجعة الإدارات الحكومية والمشافي بكل أنواعها، ودور الرعاية لهم تنبئك بجودتها وحرص الجميع عليها.
وإذا كنت أنا من هؤلاء المسنين، والذين يعانون أمراضًا من زمن طويل فدعوني أحدثكم عما لقيت عندما ذهبت لبعض دول أوروبا للعلاج، فقد رأيت هناك الاهتمام بالمسنين واضحًا، في كل شيء في المستشفيات وعند مراجعة الأطباء وفي مراكز العلاج الطبيعي، من الأفراد والأنظمة.
ورأيت الأهتمام بالمسن في وسائل المواصلات، بل في شوارع المدن المزدحمة ولن أنسى حينما مررت بـ “فينا” عاصمة النمسا في طريقي إلى سلوفاكيا للذهاب لأحد مراكز العلاج الطبيعي، كيف رأيت تعامل الناس معي وأنا على كرسي متحرك، وكيف يصر الجميع على معاونتي وإفساح الطريق لي، مع ابتسامات مشرقة لأتذكر مقولة من قال: إن هنا إسلامًا وإن لم يكونوا مسلمين، وفي الشرق مسلمون ولا إسلام.
إن ديننا الذي رعت نصوصه المسنين، فبدأت بالتوصية بالوالدين فقال ربنا عز وجل: “ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلى المصير” وقال: “ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا” وقال: “وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا أما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا” وقال سيدنا رسول -صلى الله عليه وسلم-: “ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا”.
ونعوذ بالله أن نصم الآذان عن دعوة لنا بالخير، لا نهتم بمسنينا بل ونضع في وجوههم العراقيل حتى لا يبلغوا غاياتهم البسيطة في حياة كريمة تمنع عنهم ذل الحاجة وترأف بهم وألا يجدوا ما يحميهم من تقلبات الزمان ونحمدالله ألا يزال في وطننا من الأبناء من يبرون بوالديهم، وإن كنا نسمع ونشاهد أفعال العاقين كثيرة تنشرها علينا وسائل الإعلام، وكأننا فقدنا اتباع أحكام ديننا، وغلبت على بعضنا شقوتهم.
فهل أدركنا ما لكبار السن في بلانا من حقوق إنسانية ووفرنا لهم وأنشأنا من المؤسسات ما نحميهم بها من ضعفهم في شيخوختهم هو ما نرجو والله ولي التوفيق.