لم اتمالك نفسي بعد خبر وفاة الرجل النبيل السيد أمين عقيل عطاس إلا وافاجأ بخبر وفاة آخر كانت لي به صلة هو عميد الوزراء في بلادنا الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر، فقد عملت تحت إدارته منذ تولي وزارة المعارف (التربية والتعليم حالياً) منذ عام 1395هـ وحتى عام 1416هـ.
وكنت قد عملت قبله تحت ادارة الرجل النبيل والصديق الصدوق الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ، فقد بدأ عملي في التعليم في 19/ 6/ 1386هـ ثم عاصرت ادارة المرحوم بإذن الله أحمد محمد الرشيد، حتى تقاعدي عام 1420هـ.
وكنت قد اقتربت من الدكتور عبدالعزيز الخويطر اكثر بعد مغادرته الوزارة في عام 1416هـ، حينما كان كلما قدم جدة يزور استاذنا الجليل عبدالله احمد عبدالجبار، وكان استاذا للوزير حينما كان طالباً بالمعهد السعودي فأتاح القرب من الدكتور عبدالعزيز معرفة باخلاقه وسيرته.
فقد كان رحمه الله ثري السيرة منذ ان كان طالباً على مقاعد الدراسة وحتى حصوله على اعلى درجة علمية (الدكتوراه) والتي لم يسبقه اليها احد على وجه اليقين من ابناء وطنه، ثم عمله في مختلف الوظائف العامة الذي جعله بين الناس مؤتمنا، فقد كان يرحمه الله عنوان النزاهة وطهارة اليد,مستقيم الأخلاق حسن السيرة بين الناس يتمتع بالتواضع رغم مكانته، التي جعلت الثقة به تمتد العمر كله، فقد امضى جل عمره يخدم وطنه دون كلل أو ملل، يقدم له ما استطاع من فكره وحسن تدبير
ه.
رأيته وفياً لاساتذته واخوانه ومن عملوا معه، ولم يك يشكو منه احد سوىحرصه الشديد على المال العام، رحم الله الدكتور عبدالعزيز فقد كان دمث الاخلاق قريب الى مجالسيه، ثري الحديث، يفيد منه المستمعون اليه.
وهو في المجال العلمي ذا قدم راسخة، قدم لنا مجموعة من المؤلفات اغرتنا فقرِأناها خاصة منها ما مس سيرته الذاتية (وسم على أديم الزمن) وما مس التراث (إطلالة على التراث) وما افاض فيه عن التربية والتعليم (حاطب ليل) وذاك الكتاب الذي يوجه فيه الجيل الذي جاء بعد جيله (أي بنى) مع ما خص تخصصه الأصيل في التاريخ مثل كتابه عن (الملك الظاهر بيبرس) وكتاب (طرق البحث في التاريخ).
وغير هذا كثير. رحم الله الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر واسكنه فسيح الجنان، وعزاؤنا لأسرته الصغيرة ثم عزاؤنا للوطن في فقده لأحد رجالاته الوطنية المخلصة.