كلما أقبل علينا رمضان رجونا لأمتنا المسلمة التي توحدها الطاعات فيه أن تعود إلى إسلامها النقي الذي دعا للرحمة والألفة، وجاءت أحكامه كافة لتبني الحياة لا لتهدمها فربنا يقول في محكم كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ) وحتمًا من يستجب لله وللرسول -صلى الله عليه وسلم- لما دعاه إليه من الطاعات كان أمثل البشر ينفعهم ويدعوهم لخير السبل للحياة الإنسانية الرفيعة كما فعل النبي والأنبياء قبله -عليهم الصلاة والسلام-، فتسعد البشرية بإخاء جامع، والمسلمون إذا استجابوا لذلك كانوا خير أمة أخرجت للناس، يؤمنون بالله، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فيكونون شهداء على الناس بما آتاهم الله من العلم والإيمان، وأما إن أعرضوا ولم يقبلوا فالله يقول: (فَإن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ)، وقد رأينا هذا واقعًا في الأمة بين عصاتها الذين قادهم الهوى إلى أبشع ألوان سلوك البشر، رأينا هذا واضحًا في سلوك الخوارج في العصر الأول للإسلام، ونراه اليوم فيمن اتبعوا أهواءهم فأضلهم الله فأهلكوا الناس، وهم ولاشك يهلكون أنفسهم، عما قليل من الزمان سنراهم يقتلون على الطرقات في سائر أراضي المسلمين التي ساحوا فيها وعبثوا بمقدراتها وألقوا الرعب في ضعفاء أهلها، سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلًا.
فهذه الجماعات التي تكونت من فاقدي العقل، الذين لا يبصرون حقًا وهم بهوى أنفسهم يسقطون في الباطل، الذي حتمًا يأتي الحق فيزلزله من جذوره فيمحوه فلا يبقى له أثر أليس يقول ربنا: (وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).
ونحن اليوم نودع هذا الشهر الكريم وأملنا في الله عظيم أن قَبِلَ منا الصيام والقيام وتلاوة القرآن والذكر، نرجو أن يكون تقبل الله منا الدعاء أن يحفظ ديننا ويصونه من دعاوى الباطل التي تنتشر اليوم في طول وعرض بلاد المسلمين، منها دعاوى للتكفير والتفجير وتدمير الأوطان من نابتة هذا العصر الذين ضلوا وعاثوا في الأرض فسادًا، ودعونا الله مخلصين أن يحفظ بلاد المسلمين من شرهم، ويعيننا على أن نقضي عليهم، حتى نعيد لبلاد المسلمين أمنها وأمانها..
ورأينا مع هؤلاء أهل شر مثلهم أو أشد منهم ضررًا أولئك الذين يظنون أن الانسلاخ من الدين هي ردة الفعل المناسبة للرد على هؤلاء، وكأن خوارج عصرنا هم من يمثلون الدين.
نسأل الله عز وجل أن يعظم لأمتنا الأجر وهي تواجه خطرين عظيمين كليهما عدوان على دينها فاللهم احفظ لها دينها الذي هو عصمة أمرها ورد عنها كيد الكائدين إنك بها رؤوف رحيم.
الوسومرمضان وداع وداع رمضان
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …