قبل أيام ودعت أم القرى وجارتها جدة العروس علماً من أعلام هذا الوطن، عمل العمر كله في خدمته طبيباً ممارساً لتخصصه الطبي، ثم مديراً للشؤون الصحية في منطقة مكة المكرمة، وأدار قبل ذلك مستشفيين في مكة المكرمة مهمين في حياة أهلها مستشفى أجياد، ومستشفى الولادة، وهو من أوائل الأطباء الذين عادوا إلى بلادهم بعد حصولهم على بكالوريوس الطب والجراحة، ثم التخصص في الأمراض الباطنية من جامعة عين شمس بالقاهرة.
ومن كان في سني لابد له وإن ارتاد عيادة الدكتور سليمان بمكة المكرمة في بدء حياته خاصة وأن تخصصه (الباطنة) لدى المريض يعني الشمول، فكل من أحس بألم ارتاد عيادته آنذاك.
وقد أدى الخدمة اللازمة لوطنه في المجال الطبي والصحي منذ تخرجه، وحتى طرأ عليه التفكير في إقامة مشروعه الخاص وهو مستشفاه المعروف بجدة في شارع فلسطين فإذا كان أتم دراسته للطب في عام 1960م، فقد قضى في خدمة المجال الصحي الرسمي ما يقارب ثمانية عشر عاماً.
حيث أنشأ مشروعه الخاص وتم افتتاحه في عام 1978م، وكان مشروعه هو المشروع القائد للمشاريع الخاصة في هذا المجال، وكان الدكتور سليمان عبدالقادر فقيه يرحمه الله يمتلك روحاً وثابة ورؤية رائدة في مجال الخدمة الطبية، وقد عكف منذ البداية على تطوير مستشفاه وإحداث توسعة بعد أخرى فيه تتعدد فيه الأقسام وتتطور ولتتميز الخدمة حتى كان صرحاً طبياً مميزاً في هذا الوطن وفي منطقة خليجنا العربي كله، واجتذب إليه المرضى الذين يطلبون الشفاء من كل صوب، حتى أصبح من أكبر المستشفيات الخاصة في المنطقة كلها.
وكانت التوسعة الأولى له في عام 1986م حيث قام الملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله- (ولي العهد آنذاك) بافتتاح هذه التوسعة، التي ضاعفت القدرة الاستيعابية للمستشفى، وقدمت العديد من المراكز الطبية الجديدة مثل: مركز جراحات القلب المفتوح والعيادات الجديدة بما في ذلك جراحات المخ والأعصاب، وعلاج أمراض الكلى، ومركز العقم والخصوبة.
وفي عام 1999م تمت التوسعة الثانية للمستشفى وافتتحها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله- وتم فيها إضافة مبنيين جديدين أحدهما لعيادات الأطفال عموماً وعيادات متخصصة للأطفال حديثي الولادة، وعيادات لجراحات التجميل، ومراكز لتحسين الصحة واللياقة البدنية.
والمستشفى يعد رائداً في المنطقة في مجال زراعة الأعضاء: زراعة الكلى، وزراعة النخاع الشوكي، وزراعة الكبد، وعمليات زراعة القلب، وهو أول مستشفى خاص في المنطقة حصل على الاعتماد من قبل اللجنة الدولية المشتركة لاعتماد المستشفيات (JCI) في عامي 2001/ 2009م وقد تم اعتماده من قبل المجلس الاسترالي لمعدلات الرعاية الصحية العالمية (ACHSI) في عامي 2008/ 2012م.
ويعد مستشفى الدكتور سليمان فقيه من المستشفيات المتميزة في الشرق الأوسط ويقوم بزيارته ما يزيد على خمسمائة ألف مريض كل عام.
وللمستشفى إنجازات عديدة في كافة المجالات الطبية، مما ربى له سمعة طيبة داخل البلاد وخارجها مما جعله في مقدمة المستشفيات الخاصة في بلادنا، ومما زاد الإقبال عليه من جميع فئات المجتمع.
لقد أدى الدكتور سليمان عبدالقادر فقيه واجبه، وهو من أسرة مكية عريقة يعرفها الجميع لها نشاطات في التجارة والأعمال، وجعل الدكتور سليمان الشهرة لها في مجال الرعاية الطبية.
وأني أرجو أن يتم أبناؤه وأظن أن كلهم قد درس الطب وعلى رأسهم الدكتور مازن ما قام به والدهم، فيحافظوا على هذا الصرح الطبي الهام ويطوروه حتى يبلغ درجة عالية فيما يقدمه من خدمات جلى للمرضى من أبناء الوطن وغيرهم، وأن يهتموا بجودة الخدمة قبل اهتمامهم للمردود المادي.
وقبل أن أختم هذا المقال ليس لي سوى أن أدعو لفقيدنا بالرحمة والمغفرة وأن يسكنه الله الجنة وأعزي كافة أسرته وكل أحبابه واسأل الله لهم الصبر على فقده، وأن يجزل لهم الأجر على الصبر إنه سميع مجيب الدعوات.